رشيد غويلب
اصدرت اكاديمية العلوم الهنغارية قرارا باغلاق الارشيف الذي يحتوي كتب ومخطوطات الفيلسوف والمفكر الماركسي الهنغاري جورج لوكاش. وبهذه المناسبة التقت جريدة "اليونغه فيلت" الالمانية مع رودغه دانمان رئيس مؤسسة جورج لوكاش العالمية, تناول فيها الحدث والتداعيات المترتبة عليه. وفي ما يلي اهم ما ورد في الحوار:
اهمية جورج لوكاش

هناك مسارات تأثير مختلفة لأعمال لوكاش في اعماله المبكرة مثل "نظرية الرواية" و"الروح والجسد"، كان له تأثير قوي في محيط الفيلسوف الألماني "ادورنو". وبعدها كتابه الذين يعتبرونه تأسيساً لـ"الماركسية الغربية"، "التاريخ والوعي الطبقي"، الذي تجلى عن تأثير هائل.
بعد الحرب العالمية الثانية، اقترب لوكاش من دور "ادورنو الشرق"، حسب توصيف الكاتب والروائي الألماني "فرتس يوأخيم راداتس" . ويعتبر أحد واضعي حجر الزاوية في علم الجمال الماركسي. وحاول في مؤلفاته المتأخرة مثل "خصوصيات علم الجمال" و "الأنطولوجيا" استنهاض الماركسية. ولا ينحصر الاهتمام بلوكاش في اوربا الغربية، بل تعداها إلى بقاع بعيدة جدا من العالم، واخيرا يقوم بروفسور صيني بتحرير طبعة لاعمال لوكاش تتألف من 28 مجلدا..
تاخر غلق الارشيف

بعدعام 1989 ، عام تفكك بلدان المنظمة الاشتراكية في اوربا الشرقية، تصاعدت حدة العداء للشيوعية ولرموز الفكر الماركسي، ومع ذلك لم تبادر الأكاديمية الى غلق الارشيف في وقت مبكر. وتعود اسباب ذلك، حسب دانمان الى ما يلي:
من المعروف إن للوكاش مؤلفات مهمة قبل إن يصبح ماركسيا، ولهذا حظي باهتمام واحترام غير الماركسيين ايضا، بالاضافة إلى تمتعه بسمعة عالمية تجعل من غير المناسب اخفاء اثاره الفكرية. لهذا لجأ خصوم لوكاش إلى استراتيجية ناعمة تقوم على تجفيف منابع الدعم المالي، وتقليص عدد العاملين في الأرشيف.
في عام 2017، عقد مؤتمر فكري في بودابست حول لوكاش وكان أيضا بمثابة احتجاج على التعامل مع إرثه. وكان الحضور يتألف من ماركسيين وغير ماركسيين. وهذا التوحد يعكس موقفا واضحا من استبداد حكومة اليمين المتطرف بزعامة فكتور اوربان. لقد تحول لوكاش إلى قوة جاذبة جامعة للمعارضين في بلد مثل هنغاريا. وكان من الواضح ان يتم اللجوء إلى إجراءات تعسفية. وعكس الاحتجاج العالمي، حال الاعلان عن غلق الارشيف، إن الأمر لم يكن سهلا على الحاكمين. ولهذا استغرق وقتا طويلا.

طبيعة عمل الارشيف

مهمة الأرشيف الاولى تتعلق برعاية تركة الفيلسوف المتوفى في عام 1971 ، بما ذلك رسائله المتبادلة مع معاصريه، والتي لم ينته العمل بها بعد. وهناك ملاحظات دوستويفسكي الشهيرة، والمسودات الفلسفية التي تشير إلى التطور التدريجي في علم الجمال الماركسي. ومهم جدا عمله بشأن التحول الديمقراطي ، التي يتناول فيه العلاقة بين الديمقراطية والاشتراكية في سياق "ربيع براغ" في عام 1968، ويصر على أن الاشتراكية لا يمكن تصورها بدون الديمقراطية، ومن ناحية أخرى، فإن الشكل الغربي للديمقراطية غير كاف تماما.

محاولات انقاذ الارشيف

هناك الكثيرون الذين يسعون الى انقاذ الارشيف، ولكن امكانيات التمويل محدودة. ويعود ذلك إلى ضعف التيار الاشتراكي الماركسي في هنغاريا. ولهذا هناك محاولات في اوساط حزب اليسار الالماني، منها تقديم النائب اليساري ديتر ديم طلبا للحصول على الارشيف اعتمادا على تجربة الحصول على ارشيف الروائي الالماني المعروف توماس مان، وتلقى هذه المحاولة دعما من قيادة الحزب، وكتلته البرلمانية.

عودة لوكاش

يمكن تلمس عودة الاهتمام بارث لوكاش من خلال: الصراع مع اليمين المتطرف الصاعد، فلديه تحليلات عميقة للفاشية وللفترة التي سبقت صعودها. ولوكاش يقدم اساسا فلسفيا لفكرة إن النظام الراسمالي محدود الديمقراطية، وعليه هناك ضرورة للبحث عن بديل. واخيرا يؤكد لوكاش إن الماركسية تنتمي لجوهر الموروث الثقافي للعالم المعاصر.