رشيد غويلب
شهدت مدينة ريو البرازيلية الاربعاء الماضي اغتيال المناضلة اليسارية المعروفة مارييل فرانكو، عضو حزب الاشتراكية والحرية الماركسي، رميا بالرصاص. واستشهد في الحادث ايضا سائق السيارة واصيبت المرافقة بجروح خطيرة. وكانت المغدورة عائدة من اجتماع لتعزيز دور النساء السود ونصرة قضيتهن، وهي عضو مجلس بلدية المدينة، وعضو لجنة التحقيق في اعتداءات قوات الجيش التي اوكل لها رئيس جمهورية الانقلاب البرلماني مايكل تامر إدارة المدينة. وكان للشهيدة دور رئيس في التنديد بتجاوزات قوات الشرطة على سكان الاحياء الفقيرة، وخصوصا الشباب السود. وتنحدر مارييل من أصل أفريقي ومن احد أكبر الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو.
ومارييل باحثة اجتماعية متخصصة في دراسة اسباب العنف في الاحياء الفقيرة. وقبل يوم واحد من استشهادها، وفي تغريدة لها على موقعها في التويتر، حملت الشرطة العسكرية مسؤولية قتل شاب اسود يبلغ من العمر 23 عاما، لدى خروجه من احدى الكنائس. واختتمت تغريدتها بالتساؤل: "ما هو عدد الذين يجب إن يموتوا لتنتهي هذه الحرب؟".
وكل شيء يؤشر الخلفية السياسية لهذه الجريمة. ومن جانبها وعدت السلطات بتحقيق مكثف لمعرفة دوافع الجريمة، في حين طالبت قوى اليسار، ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، بضرورة الكشف التام عن تفاصيل ما حدث.
وألقت جريمة الاغتيال بظلالها على فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي التي انتهت امس الأول في مدينة سلفادور شمالي البرازيل، والذي شارك في فعاليات يومه الأخير الرئيس البرازيلي الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. واثنت زعيمة حزب العمل البرازيلي غليسي هوفمان،في بيان لها، على الشهيدة واصفة اياها "بالمناضلة"، وان الجريمة "موجهة مباشرة ضد حقوق المواطنين والديمقراطية". وشهد الخميس مشاركة الآلاف من المشاركين في فعاليات المنتدى الاجتماعي في مسيرة احتجاجية، للتنديد بالجريمة، واستذكار الضحية. وشددت الكلمات القصيرة التي القيت في المناسبة على ضرورة توحيد قوى اليسار البرازيلي. وشارك في التجمع الرئيس مرشح الحزب الشيوعي في البرازيل لانتخابات الرئاسة المقبلة، والذي استقبلته الجماهير الغاضبة بالهتاف: "لن يمر الفاشيون العنصريون". وفي العديد من مدن وقصبات البرازيل جرى تنظيم تظاهرات وتجمعات حاشدة لاستنكار والتنديد بالعنف المسلط على السكان السود.
وكشفت تقارير نشرت الخميس، مستندة إلى التحقيقات الجارية، إن الاطلاقات الثلاثة عشر التي أصابت السيارة تم شراؤها من الشرطة الاتحادية. ومعروف إن مدينة ريو دي جانيرو تشهد تداخلا بين مجموعات من الشرطة وعصابات الجريمة المنظمة. ويجري انزال الجيش في المدينة لضمان امن الفئات الوسطى والأثرياء. ويعامل عموم سكان الأحياء الفقيرة كمشتبه بهم. وتوظف "حرب المخدرات" لممارسة "تطهير" عرقي واجتماعي، وعادة ما يكون الضحايا من الشباب السود، وتشير التقارير الرسمية الى إن "القتل تم بسبب مقاومة قوات الشرطة".
وتقوم مجموعات المليشيات المشكلة من منتسبي الجيش والشرطة وقوى الأمن السابقين والمتقاعدين، بابتزاز المواطنين، وفرض الأتاوات، ويتسللون إلى الهياكل السياسية في البلديات. وتقف ريو دي جانيرو في صدارة المدن البرازيلية التي تشهد مثل هذه الإحداث. ولا تستطيع قوات الجيش بحكم طبيعتها التعامل مع هذه الجرائم، في الوقت الذي تستنزف موارد طائلة، بينما تستمر المشاكل الاجتماعية في النمو.