طريق الشعب
تجري في 18 آذار الجاري الانتخابات الرئاسية في روسيا، التي ستحدد سياسة روسيا الداخلية والخارجية خلال السنوات الست المقبلة. وحسب استطلاع الرأي العام فان الأغلبية الساحقة تشير الى فوز بوتين في هذه الانتخابات.

ورغم ذلك فان اعادة انتخاب بوتين رئيسا لروسيا يثير قلقا في الغرب وبعض الأوساط الروسية، ، والتي تتهم الحكومة الروسية بالفشل في حل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، والمتسببة عن العقوبات والضغط الذي يمارسه الغرب. واكبر مشكلة تواجهها روسيا اليوم هي مشكلة الفساد المستشري في مفاصل الدولة.
ومن الجدير بالاشارة الى أن بوتين أبدى، خلال فترة رئاسته ورئاسة حزب " روسيا الموحدة "، استعدادا كبيرا لمكافحة الفساد. ورغم التوصل الى بعض النتائج الايجابية في هذا المجال الا أن المشكلة بقيت مستشرية.
وقد ادت الأزمة الاقتصادية واستشراء الفساد الى فقدان ثقة المواطنين بحزب " روسيا الموحدة "، وبدأ تدريجيا يخسر مواقعه. ومن منطلق وقف هذا التدهور عمل بوتين على تعزيز دوره ومكانته بين الجماهير الشعبية وقام بتأسيس " الجبهة الشعبية لعموم روسيا " التي تتطابق برامجها ومشاريعها كليا مع برنامج بوتين الانتخابي الحالي. وعلى هذا الأساس وبدعم من الحزب المذكور والجبهة الشعبية رشح نفسه بشكل مستقل لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.
فالوضع في روسيا اليوم يختلف تماما عن الأوضاع السابقة عشية الانتخابات الرئاسية او البرلمانية. فمن جهة الأزمة الاقتصادية والعقوبات المفروضة على روسيا وتحديات الأزمة الأوكرانية وضرورة حلها على أساس قرارات لقاء مينسك، وكذلك موضوع شبه جزيرة القرم والوضع المتأزم في سورية، ومن جهة ثانية الاتهامات الأمريكية الباطلة بشأن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية.
وتهدد امريكا بشكل سافر ومكشوف بالتدخل في هذه الانتخابات، وكعادتها في شؤون البلدان الأخرى ايضا. في هذا الصدد قدمت الجمعية الفيدرالية الروسية تقريرا خاصا جاء فيه : أن أمريكا رفعت بشكل ملحوظ تمويل المنظمات غير الحكومية الروسية. وفقط في عام 2016 صرفت أمريكا لهذه الأهداف اكثر من 70 مليار روبل. ويتوقع اعضاء الجمعية ان الغرب بامكانه التأثير على حضور الناخبين الى مراكز الاقتراع، خاصة أن رئيسة حزب " المبادرة المدنية " كسينيا سوبتشاك، الليبرالية الموالية للغرب، تدعو الناخبين الى مقاطعة الانتخابات والتصويت ضد الجميع. وحدد التقرير 120 حالة للتدخل الأمريكي في شؤون 60 بلدا من بلدان العالم. ويتناول جانب آخر من التقرير القرصنة المعلوماتية المحتملة الصادرة من الأراضي الأمريكية على مواقع الانترنت الروسية، وبالأخص على منصات اللجنة المركزية للانتخابات في روسيا. والهدف الرئيس من وراء كل ذلك – تجريد عملية الانتخابات من شرعيتها ونسف ثقة المواطنين بقيادة البلاد.
كل هذا خلق وضعا جديدا في روسيا عشية الانتخابات تمثل في ضرورة مواجهة هذه التحديات ودفع باتجاه تعزيز الوحدة الوطنية والتوجه الى حل مشاكل البلاد الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز قدراتها الدفاعية. لذلك يتوقع المراقبون اليوم فوز الرئيس بوتين في الانتخابات المقبلة بفارق كبير على منافسيه الرئيسين، مرشح الحزب الشيوعي الروسي بافل غرودينين ، ومرشح الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي اليميني المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي. وقد بدأت القوى الليبرالية اليمينية الروسية كعادتها بحملة مسعورة على مرشح الحزب الشيوعي الروسي

الحزب الشيوعي والانتخابات

زعيم الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوغانوف لن يشارك في السباق الانتخابي، واكد زيوغانوف أن الحزب بحاجة الى تجديد ووجوه وعناصر جديدة، وان عمره لا يساعد اليوم على خوض جولة جديدة من الانتخابات الرئاسية، لهذا السبب قررت رئاسة الحزب ومن ثم الاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي في 23 كانون الأول 2017 ترشيح بافل غرودينين من بين ثمانية مرشحين آخرين لخوض الانتخابات المقبلة.
واحتشد أنصار الحزب الشيوعي الروسي، ونشطاء يساريون السبت الفائت في العاصمة الروسية للمطالبة بعدالة ونزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة، ودعا إلى التجمع مرشح الحزب الشيوعي الروسي لبافيل جرودينين، المهندس الميكانيكي الذي يدير مزرعة في ضواحي موسكو منذ منتصف التسعينات، لمنافسة الرئيس فلاديمير بوتين في الانتخابات. وباختيار مرشح من جيل جديد يحاول الشيوعيون توسيع قاعدة ناخبيهم. وحل الحزب الشيوعي ثانيا في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 2016 بعد حزب روسيا المتحدة الحاكم، بحصوله على 19,2 في المائة من الأصوات
و تشير جميع المصادر ووسائل الاعلام الى فوز بوتين بفارق كبير، واشتداد المنافسة على المرتبة الثانية بين مرشحي الحزب الشيوعي الروسي و مرشح الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي. وهناك خمسة أسماء أخرى فرصها ضعيفة للغاية لا تصل إلى 1في المائة من الأصوات.