رسالة بوتين السنوية امام الجمعية الفيدرالية الروسية

                      1 آذار/ مارس 2018

          ( الجزء الثاني – في المجال العسكري )

ان العملية السورية قد بينت تزايد امكانيات القوات المسلحة الروسية. وفي السنوات الأخيرة قمنا بعمل كبير لتعزيز قدرات الجيش والأسطول البحري الروسي. وقد ازداد تجهيز القوات المسلحة بالأسلحة الحديثة 3,7 مرات. وتم اعتماد اكثر من 300 نموذج جديد من المعدات العسكرية. وحصلت القوات الاستراتيجية النووية على 80 صاروخا بالستيا عابرا للقارات و102 صاروخ بالستي للغواصات و3 طرادات صاروخية استراتيجية غائصة من مشروع " بوريي ". وجرى اعادة تسليح 12 فوجا صاروخيا على منظومة صاروخية جديدة باسم " يارس ". وارتفع عدد الوسائل الحاملة للأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى بأكثر من 12 مرة ، وعدد الصواريخ المجنحة عالية الدقة بأكثر من 30 مرة. وتنامت بشكل ملحوظ قدرات القوات المخصصة للأغراض العامة والقوات الجوية والفضائية والأسطول البحري الروسي. وأصبحت اسماء طائراتنا وغواصاتنا ومنظومات الدفاع الجوي المضاد والمنظومات الصاروخية البحرية والجوية والأرضية معروفة في بلدنا وفي العالم اجمع. وكل هذه أسلحة جديدة ذات تكنولوجية عالية انتجت في الفترة الأخيرة. وأقيم على طول حدود روسيا ( وهذا مهم جدا )  مجال راداري كامل لنظام الانذار المبكر من الهجوم الصاروخي. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ظهرت " ثغرات " كبيرة على هذه الحدود حيث جرى غلقها بالكامل.

وتحققت طفرة نوعية في مجال تطوير الطائرات بلا طيار، وتم تأسيس مركز وطني للادارة الدفاعية لروسيا الاتحادية، وتشكيل قيادة للعمليات في أقصى المناطق البحرية الروسية. وارتفع عدد العسكريين الذين يخدمون بالعقود 2,4 مرات. وازداد تزويد القوات المسلحة بأفراد الجيش من 70% الى 95% - 100%، وتم حل مشكلة توفير السكن الدائم للعسكريين، التي استمرت على مدى سنين، حيث تقلصت فترة الحصول على السكن 6 مرات.

والآن سأتحدث عن الجزء الرئيسي في مجال " الدفاع "

سيجري الكلام عن الأنظمة الجديدة للأسلحة الاستراتيجية الروسية، والتي قمنا بانتاجها ردا على خروج الولايات المتحدة الأمريكية من طرف واحد من اتفاقية الدفاع المضاد للصواريخ والقيام فعليا بنشر هذه المنظومة سواء على اراضي الولايات المتحدة الأمريكية او خارج أراضي حدودها القومية.

وهنا لا بد من القيام بجولة صغيرة في الماضي القريب

ففي عام 2000 وضعت الولايات المتحدة الأمريكية أمامنا قرارها المتعلق بخروج أمريكا من اتفاقية الدفاع المضاد للصواريخ. روسيا رفضت هذا القرار قطعيا. وانطلقنا نحن من أن الاتفاقية السوفيتية – الأمريكية بشان الدفاع المضاد للصواريخ المؤرخة عام 1972 تعتبر حجر الزاوية في نظام الأمن الدولي. وحسب هذه الاتفاقية فان كل طرف كان يحتفظ بحق فتح منطقة واحدة فقط على أراضيه لحمايته من الهجوم الصاروخي. وفي روسيا فتحت مثل هذه المنطقة حول موسكو، وفي أمريكا – حول قاعدة الصواريخ الأرضية " غراند – فوركس ". والى جانب اتفاقية تحديد الأسلحة الاستراتيجية النووية الهجومية فان هذه الاتفاقية لم توفر فقط جوا محددا من الثقة، بل واعطت ضمانا ايضا من قيام احد الطرفين باستخدام السلاح النووي بشكل لا عقلاني وبما يشكل ذلك من مخاطر بالنسبة الى البشرية بكاملها، على اساس أن تحديد منظومة الدفاع المضاد للصواريخ يجعل المعتدي المحتمل عديم القدرة على توجيه ضربة معاكسة.

وقد حاولنا لفترة طويلة اقناع الأمريكيين بعدم نسف اتفاقية الدفاع المضاد للصواريخ، وعدم خرق الميزان الاستراتيجي. ولكن بدون جدوى. وفي عام 2002 خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من طرف واحد من هذه الاتفاقية. ولكن حتى بعد ذلك حاولنا لفترة طويلة اجراء حوار بناء معها. اقترحنا، من منطلق ازالة القلق والحفاظ على اواصر الثقة، القيام بعمل مشترك في هذا المجال. وفي وقت ما تبين لي انه يمكن ايجاد حل وسط ،  لكن ذلك لم يحصل. وكل مقترحاتنا، كل مقترحاتنا بالذات قد رفضت. وصرحنا آنذاك بأننا سنضطر من اجل ضمان أمننا الى تطوير منظوماتنا العصرية الضاربة. وردا على ذلك قالوا لنا : " ان الولايات المتحدة الأمريكية تنشر منظومة عالمية للدفاع المضاد للصواريخ ليس ضدكم، ليس ضد روسيا، وبامكانكم القيام بما تشاؤون. وسننطلق من أن هذا ليس ضدنا ولا ضد امريكا ".

 اما من اين ظهر هذا الموقف فمفهوم بشكل عام. فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي فان روسيا، والتي كانت تسمى في الفترة السوفيتية بالاتحاد السوفيتي، وفي الخارج كانوا يسمونها بروسيا السوفيتية، اذا تحدثنا عن حدودنا الوطنية ، كانت قد فقدت 23,8% من أراضيها، 48,5% من مواطنيها، 41% من الناتج الاجمالي الاجتماعي الداخلي، 39,4% من القدرات الصناعية ( انا اثير الانتباه الى النصف تقريبا ) ، 44,6% من القدرات العسكرية بسبب تقسيم القوات المسلحة السوفيتية بين الجمهوريات الاتحادية السابقة.

واصبحت المعدات العسكرية في الجيش الروسي قديمة، والقوات المسلحة ذاتها في حالة يرثى لها. واشتعلت الحرب الأهلية في منطقة القوقاز، وفي مصانعنا المشهورة لتركيز اليورانيوم كان يجلس المفتشون الأمريكيون.

وفي وقت ما طرحت بعض الأسئلة : هل بامكان روسيا تطوير منظومة الأسلحة الاستراتيجية، وهل بامكان بلدنا امتلاك وصيانة الأسلحة النووية بأمان التي بقيت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ؟. كانت روسيا في هذا الوقت مثقلة بالديون، وبدون قروض من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي اصبح الاقتصاد على وشك الانهيار، واصبح من غير الممكن دعم الوضع الاجتماعي.

وتبين أن لدى شركائنا ظهر رأي ثابت مفاده أن تطوير الاقتصاد والصناعة والمجمع الصناعي العسكري والقوات المسلحة الروسية الى المستوى الذي من شأنه ضمان القدرة الاستراتيجية اللازمة يعتبر مسألة لا يمكن تحقيقها في المستقبل التاريخي القريب. واعتبروا أنه اذا كان الأمر بهذا الشكل فلا معنى للأخذ برأي روسيا، ويجب السير الى أبعد من ذلك وتحقيق التفوق العسكري النهائي من طرف واحد، وبعدها فرض شروطهم في جميع المجالات الأخرى.

ومن الناحية المبدئية يمكن فهم مثل هذا الموقف، مثل هذا المنطق انطلاقا من واقع ذلك الوقت، ونحن مذنبون في ذلك بالذات. وقد حاولنا خلال هذه الأعوام، خلال 15 عاما بعد خروج الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية الدفاع المضاد للصواريخ، حاولنا بثبات اعادة الأمريكيين الى اجراء نقاش جدي وتحقيق الاتفاقات في مجال الاستقرار الاستراتيجي.

تمكنا من عمل شيء ما. ففي عام 2010 تم توقيع اتفاقية تقليص الأسلحة الاستراتيجية الهجومية – 3 بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية حول الاجراءات بشأن مواصلة تقليص وتحديد الأسلحة الاستراتيجية الهجومية. ولكن عند تنفيذ الخطط المتعلقة باقامة المنظومة الأمريكية العالمية للدفاع المضاد للصواريخ, والتي هي مستمرة الى حد هذا اليوم، فان جميع الاتفاقات في اطار هذه الاتفاقية ستتضاءل تدريجيا، لأنه عند تقليص وسائل حمل الأسلحة والأسلحة النووية ذاتها فان احد الطرفين، وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية، سيقوم بمضاعفة عدد الأسلحة المضادة للصواريخ في آن واحد وبلا رقيب، ويطور مواصفاتها النوعية، وينشر مواقع ميدانية جديدة. وهذا في آخر المطاف، اذا لم نتخذ الاجراءات اللازمة، سيؤدي الى انحسار القدرة النووية الروسية كاملا. واساسا سيجري اعتراض هذه القدرة ببساطة وبالكامل.

ورغم اعتراضاتنا ودعواتنا الكثيرة فان الماكنة الأمريكية بدأت بالعمل وخطوط التجميع بالتحرك. بدأت تعمل منظومات الدفاع المضاد للصواريخ في ألاسكا وكاليفورنيا، وكنتيجة لتوسع الناتو نحو الشرق ظهرت منطقتان للدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية : في رومانيا أقيم هذا الموقع، وفي بولندا تتخذ الاجراءات النهائية لمرابطة هذه القوات. وسيزداد مدى استخدام الصواريخ المضادة مستقبلا، ويخطط لنشر هذه المنظومة في اليابان وكوريا الجنوبية. ويدخل ضمن قوام المنظومة الأمريكية العالمية للدفاع المضاد للصواريخ المجموعة البحرية ايضا والتي تتكون من خمس طرادات و30 مدمرة مرابطة، حسب معلوماتنا، في مناطق بالقرب من أراضي روسيا مباشرة. ولا توجد اية مبالغة في هذه المعلومات، فالعمل جار اليوم على قدم وساق.

ما الذي قمنا به نحن ، عدا الاحتجاجات والتحذيرات ؟ بأية وسيلة ردت روسيا على هذا التحدي ؟ ردت بالاجراءات التالية:

خلال كل هذه السنوات بعد خروج الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية الدفاع المضاد للصواريخ من طرف واحد عملنا جاهدين على تطوير المعدات العسكرية المستقبلية والتسليح. وهذا سمح لنا بالقيام بخطوة كبيرة وسريعة لانشاء نماذج جديدة من الأسلحة الاستراتيجية.

واعيد الى الأذهان أن المنظومة الأمريكية العالمية للدفاع المضاد للصواريخ تقام اساسا لمواجهة الصواريخ الاستراتيجية التي تطير على مسار بالستي. وهذه الأسلحة تشكل القاعدة الأساسية لقوات الردع النووية الروسية. وكما هو الحال، بالمناسبة،  في الدول الأخرى في " النادي النووي ".

بهذا الصدد يجري في روسيا انشاء وتطوير مستمر لمنظومات فعالة ورخيصة نسبيا لتجاوز منظومات الدفاع المضاد للصواريخ، والتي تستخدم في تجهيز جميع المنظومات الصاروخية البالستية الروسية العابرة للقارات.

بالاضافة الى ذلك بدأنا بانشاء جيل جديد من الصواريخ. وبالأخص بدأت وزارة الدفاع الروسية بالمشاركة مع المؤسسات العاملة في مجال الصواريخ الفضائية بمرحلة نشيطة من التجارب على منظومة صاروخية جديدة تحمل صاروخا ثقيلا عابرا للقارات تحت اسم " سارمات ".

وستحل هذه المنظومة الصاروخية محل منظومة " فويفود " التي أنشئت في الاتحاد السوفيتي. وكان الجميع يعترفون بقدراتها العسكرية العالية. وزملاؤنا الأجانب كانوا يسمونها بتسمية مخيفة.

لكن امكانيات صاروخ " سارمات " اعلى بكثير. ورغم أن الصاروخ يزن اكثر من 200 طن، الا أنه يتمتع بمسار طيران نشيط وقصير مما يصعب اعتراضه من قبل وسائل الدفاع المضاد للصواريخ. وان مدى الصاروخ الثقيل الجديد وعدد وطاقة أجزائه العسكرية المركبة هي أكثر وارقى من مواصفات صاروخ " فويفود ". وسيجهز صاروخ " سارمات " بطيف واسع من الذخائر النووية ذات الطاقة العالية، بما في ذلك التي تتجاوز سرعتها سرعة الصوت الى حد كبير،  وبأرقى  المنظومات العصرية لتجاوز وسائل الدفاع المضاد للصواريخ. وستضمن المواصفات العالية الحامية لمنصات الاطلاق والامكانيات الطاقوية الكبيرة لهذا الصاروخ استخدام هذه المنظومة في اية ظروف كانت.

     ( عرض فيديو لهذه المنظومة )

ان مدى طيران صاروخ " فويفود " – 11 ألف كيلومتر، اما المنظومة الجديدة فلا حدود لمداها عمليا.

وكما هو واضح من الفيديو فبامكان الصاروخ الجديد " سارمات " مهاجمة الأهداف سواء عبر القطب الشمالي او القطب الجنوبي. " سارمات " – سلاح مخيف للغاية،  وبحكم مواصفاته العالية ليس بالامكان اعتراضه حتى من خلال احسن منظومات الدفاع المضاد للصواريخ.

ومع ذلك لم نتوقف عند هذا الحد. بدأنا بتطوير انواع جديدة من الأسلحة الاستراتيجية، التي لا تستخدم ابدا مسارات الصواريخ البالستية عندما تتحرك نحو الهدف،  وهذا يعني ان لا معنى ولا فائدة من قيام منظومات الدفاع المضاد للصواريخ باعتراض هذه الأسلحة.

ولاحقا سيجري الحديث عن هذا السلاح بالذات

ان منظومات الأسلحة الروسية ذات الآفاق المستقبلية مبنية على النجاحات الفريدة من نوعها للعلماء والمصممين والمهندسين الروس. وأحد هذه النجاحات – انشاء جهاز صغير الحجم ذو طاقة هائلة يعمل بالطاقة النووية، والذي يوضع في هيكل الصاروخ المجنح من نوع الصاروخ الفضائي الروسي الجديد " X – 101 " او الصاروخ الأمريكي "  توماغافت "، ويضمن الى جانب ذلك بعشرات المرات طيران الصاروخ بمدى كبير للغاية وعمليا لا حدود له. فالصاروخ المجنح الطائر على مستويات منخفضة لا يلتقط بسهولة،  ويحمل رؤوسا نووية، ويطير بمدى لا حدود له، وبمسار طيران لا يمكن توقعه، ولديه امكانية الالتفاف والمناورة على خطوط الاعتراض. هذه المواصفات تجعل منه جسما لا يمكن ان تعترضه جميع المنظومات الموجودة والمحتملة، سواء منظومات الدفاع المضاد للصواريخ او وسائل الدفاع الجوي. هذه الكلمات ستتكرر خلال حديثي لاحقا.

في نهاية عام 2017 وفي ميدان التجارب المركزي لروسيا الاتحادية جرى اطلاق ناجح لصاروخ مجنح روسي جديد يحمل جهازا طاقويا نوويا. وخلال الطيران انتقل الجهاز الى طاقته المحددة، وقام بضمان المستوى المطلوب لعملية السحب.

ان اطلاق الصاروخ ومجموع التجارب التي أجريت تسمح من الناحية المبدئية بالانتقال الى تطوير نوع جديد من الأسلحة – المنظومة الاستراتيجية للأسلحة النووية والتي تحمل صاروخا مجهزا بجهاز طاقوي نووي.

      ( عرض فيديو عن هذه المنظومة )

الفيديو يبين التفاف ومناورة الصاروخ على الخطوط الدفاعية. وبما ان مدى الطيران غير محدود فبامكان الصاروخ المناورة كيفما يشاء.

وكما هو واضح لا يوجد لدى اي بلد مثل هذا الصاروخ الى حد هذا اليوم. ويحتمل ان يظهر مثل هذا السلاح في وقت ما، لكن مهندسينا سيتوصلون الى شيء آخر خلال هذه الفترة.

ومن المعروف جيدا أن في العالم يجري بنشاط تصميم وانتاج منظومات من الأسلحة المسيرة. وباستطاعتي ان اقول ان روسيا طورت مراكب مسيرة قادرة على الغوص الى أعماق كبيرة للغاية، والتحرك لمسافات بعيدة جدا بين القارات بسرعة تزيد بأضعاف المرات سرعة الغواصات والطوربيدات العصرية وكل انواع السفن البحرية السريعة. وهذا شيء مثير للغاية.  وتتصف هذه المنظومات بدوي واطيء للغاية ومناورة عالية، وعمليا يصعب على العدو اكتشافها. واليوم لا توجد في العالم وسائل لمواجهتها.

ان منظومات الأسلحة المسيرة في اعماق البحار يمكن تجهيزها سواء بالذخائر الاعتيادية او النووية. وهذا يسمح لها باصابة مجموعة واسعة من الأهداف، بما فيها السفن الحاملة للطائرات والتحصينات على شواطئ البحار والبنى التحتية.

وفي كانون الأول/ ديسمبر عام 2017 تم الانتهاء بالكامل من دورة التجارب على مدى سنين على جهاز الطاقة النووي الجديد لغرض تجهيز هذا الجهاز الذاتي، المسير وغير المأهول. ان الجهاز النووي يمتلك مقاييس صغيرة فريدة من نوعها، الى جانب احتفاظه بطاقة مخزونة ذات قدرة فائقة. وللجهاز حجم يقل بمئة مرة عن حجم الأجهزة المستخدمة في الغواصات النووية العصرية، ويمتلك طاقة كبيرة، وتقل فترة استعداده لخوض العمليات العسكرية بمئتي مرة عن الأجهزة الأخرى، اي يعمل بطاقة قصوى وعالية للغاية.

وقد سمحت لنا نتائج التجارب بالبدء مبدئيا بانشاء نوع جديد من السلاح الاستراتيجي مجهز بالذخائر النووية ذات الطاقة الفائقة.

     ( عرض فيديو عن الجهاز )

وبالمناسبة، فالأسماء الرمزية لهذين النوعين الجديدين من الأسلحة الاستراتيجية – الصاروخ المجنح ذو المدى العالمي، وجهاز الطاقة النووي المسير في اعماق البحار – لم تحدد الى حد هذا اليوم. ونحن بانتظار مقترحات بهذا الصدد على مواقع وزارة الدفاع الروسية.

ومن المعروف جيدا أن البلدان التي تتمتع بمستوى عال من القدرات العلمية والتكنولوجية المتقدمة تقوم بتصنيع ما يسمى بالأسلحة الفائقة لسرعة الصوت. وتقاس السرعة الفائقة لسرعة الصوت، كما هو معروف، بالماخات على شرف العالم النمساوي ايرنست ماخ، الباحث في هذا المجال. فالماخ الواحد = 1062 كيلومتر في الساعة وعلى علو 11 كيلومترا. والسرعة الواحدة للصوت = ماخ واحد ، ومن 1 الى 5 ماخات = فوق سرعة الصوت، ومن 5 ماخات واكثر = فائق بكثير لسرعة الصوت.

ان امتلاك هذا السلاح يعطي بلا شك تفوقا جديا في مجال الصدامات المسلحة، وان قدرته وعظمته، كما يقول الخبراء العسكريون،  يمكن ان تكونا هائلا، اما سرعته فتجعله مخفيا امام منظومات الدفاع المضاد للصواريخ والدفاع الجوي المضاد، على اساس أن الصواريخ المضادة تعجز من ملاحقتها ومطاردتها. لذلك يصبح مفهوما لماذا تسعى جيوش العالم الكبيرة امتلاك هذا السلاح المثالي اليوم.

الأصدقاء المحترمون روسيا تمتلك اليوم هذا السلاح.

لقد اصبح انشاء منظومة الصواريخ الجوية الفائقة لسرعة الصوت وعالية الدقة مرحلة هامة في مسيرة منظومات الأسلحة العصرية، والتي لا مثيل لها في العالم. وقد استكملت تجربتها بنجاح، بالاضافة الى انه ابتداء من الأول من كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي اتخذت هذه المنظومة مواقعها الميدانية وتقوم بالنوبات التجريبية في مطارات الدائرة العسكرية الجنوبية.

ان المواصفات الفنية الجوية الفريدة من نوعها للطائرة عالية السرعة وحاملة الرؤوس النووية تسمح بحمل الصاروخ الى نقطة الانطلاق خلال دقائق. عند ذلك فالصاروخ الطائر بسرعة تفوق سرعة الصوت بعشر مرات، والذي يقوم بالاضافة الى ذلك بمناورات في جميع مناطق مسار الطيران مما يسمح للصاروخ بشكل مضمون اجتياز كل مواقع منظومات الدفاع المضاد للصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي المضاد المتواجدة والمحتملة، حاملا نحو الهدف على مسافة اكثر من ألفي كيلومتر الرؤوس النووية الاعتيادية. وقد سمينا هذه المنظومة " كبنجال " (  اي الخنجر ).

      ( عرض فيديو عن المنظومة )

ويعتبر انشاء المنظومة الصاروخية الاستراتيجية ذات الآفاق المستقبلية المجهزة بأحدث المعدات العسكرية ، بالجزء المجنح الذي انتهى اختباره بنجاح، يعتبر طفرة تكنولوجية حقيقية. واعيد ثانية، لقد قلنا لشركائنا الأمريكيين والأوروبيين مرارا – اعضاء حلف الناتو، اننا سنتخذ اجراءات ضرورية لتحييد التهديدات التي تظهر أمامنا نتيجة نشر المنظومة الأمريكية العالمية للدفاع المضاد للصواريخ. قلنا عن ذلك خلال المفاوضات وبشكل علني. ففي عام 2004 وبعد مناورات القوات الاستراتيجية النووية، والتي جرت خلالها تجربة المنظومة لأول مرة، المنظومة التي اتحدث عنها الآن، وخلال اللقاء بالصحفيين قلت : " في ظروف تزايد القدرة العسكرية النوعية والكمية للدول الأخرى فان روسيا ستكون مضطرة للقيام بطفرة من اجل امتلاك أسلحة ومعدات من الجيل الجديد. بهذا الصدد اود أن اعلمكم بثقة تامة انه نتيجة التجارب الناجحة التي اجريناها خلال هذه المناورات تعززت ثقتنا واكدنا على انه سيتم في المستقبل القريب تجهيز الجيش الروسي والقوات الصاروخية الاستراتيجية بمنظومات تقنية جديدة، والتي بامكانها اصابة الأهداف في أبعد مناطق القارات وبسرعة تفوق سرعة الصوت وبدقة متناهية، وامكانية المناورة العميقة سواء في اعالي الجو او المسار الاعتيادي ، واليوم ليس لدى اي بلد في العالم مثل هذه المنظومات الاستراتيجية ".

ومن الطبيعي ان لكل كلمة ذكرتها كان لها اهميتها، لأن الحديث كان يدور حول امكانية حركة التفاف الصاروخ على خطوط الاعتراض. اذن ما الغرض من كل هذا العمل ؟ والغرض من كل هذا الكلام ؟ نحن لم نجعل من خططنا، كما تشاهدون،  اي سر، انما تحدثنا عن ذلك بشكل مكشوف ولغرض حث شركائنا لبدء المفاوضات قبل كل شيء. وأعيد، كان ذلك في عام 2004. ومن الغريب، بغض النظر عن جميع المشاكل التي واجهتنا في الاقتصاد، وفي القضايا المالية، في الصناعة الدفاعية وفي الجيش، مع كل هذا بقيت وتبقى روسيا من الدول العظمى. ورغم ذلك، وفي الواقع لم يحاول اي شخص التحدث معنا او ايلاء أذن صاغية لنا. والان اسمعوا.

ان هذه المنظومة تختلف عن الأنواع الأخرى من التجهيزات العسكرية الموجودة بقدرتها على الطيران في طبقات الغلاف الجوي الكثيفة ولمسافات بعيدة للغاية بين القارات، وبسرعة تفوق سرعة الصوت، تتعدى عدد الماخ بأكثر من 20 مرة.

وعند التحرك نحو الهدف فان قسم (بلوك) البرمجة المجنح من المنظومة، وكما تحدثت في عام 2004،  يقوم بمناورة عميقة، سواء مناورة جانبية ( على مسافة عدة آلاف من الكيلومترات ) او مناورة الى الأعلى. وهذا يجعل منه جسما لا يمكن ان تكشفه اية وسائل للدفاع الجوي او الدفاع المضاد للصواريخ.

ان استخدام المواد التركيبية الجديدة قد سمح بحل مشكلة الطيران المسير والمستديم لقسم البرمجة المجنح وعمليا في ظروف تكون البلازما. فهذا القسم ( البلوك ) يندفع نحو الهدف مثل النيزك، كالكرة المتوهجة، مثل الكرة المشتعلة. وتصل درجة الحرارة على سطح البلوك الى 1600 – 2000 درجة، ومع ذلك يدار البلوك المجنح بأمان.

      ( عرض فيديو عن البلوك )

وبحكم اسباب مفهومة ليس بامكاننا اليوم عرض المظهر الحقيقي، الشكل الخارجي الحقيقي لهذا السلاح. وهذا له أهميتة اليوم، أهمية جدية. وأعتقد هذا مفهوم للجميع. وأقول بثقة عالية ان كل هذا موجود لدينا اليوم ويعمل بشكل جيد. بالاضافة الى ذلك بدأت مؤسسات الصناعة الروسية بالانتاج المتسلسل لهذه المنظومة – سلاح استراتيجي روسي جديد آخر باسم " أفانغارد ".

نحن نعلم ان عدد من الدول تعمل على انشاء سلاح ذو آفاق مستقبلية باعتماد مبادئ فيزيائية جديدة. وهناك كل الأساس للاعتقاد باننا نتقدم في هذا المجال بخطوة على الآخرين.

وهكذا، فقد تم التوصل الى نتائج هامة في مجال انتاج أسلحة الليزر. وهذا ليس نظرية او مشروع، وحتى ليس بداية انتاج. فابتداء من العام الماضي بدأت القوات العسكرية باستلام منظومات ليزر عسكرية.

لا اريد في هذا الجزء ان ادخل في التفاصيل، فالوقت لم يسنح لذلك بعد. لكن الاختصاصيين سيفهمون ان وجود مثل هذه المنظومة العسكرية يوسع من امكانيات روسيا بأضعاف المرات، أضعاف المرات بالذات، في مجال ضمان أمنها.

      ( انظروا الى الفيديو عن ذلك )

وهنا اود ان اقترح لأولئك المهتمين بالتقنيات العسكرية كي يقترحوا اسما لهذا الانتاج الجديد، لهذه المنظومة الجديدة.

ومن الطبيعي اننا سنعمل لاحقا على مواصلة هذه المساعي وايصالها الى نهايتها المقررة، الى جانب تطوير وتحسين منظومات الأسلحة الروسية الجديدة. وكما تلاحظون انني لم اتحدث اليوم عن كل نجاحاتنا المستقبلية، لكنني أكتفي اليوم بهذا القدر.

وأشير على وجه الخصوص الى ان نماذج الأسلحة الاستراتيجية الجديدة المنتجة والتي في طريقها الى الانتاج، ومن حيث الجوهر الأنواع الجديدة من الأسلحة الاستراتيجية، ليست أسلحة أنتجت في فترة الاتحاد السوفيتي. وخلال هذا العمل اعتمدنا على بعض أفكار المهندسين البارزين السابقين، ولكن كل ما تحدثت عنه اليوم – هو من انتاج وتصميمات السنوات الأخيرة، هو نتيجة جهود العشرات من المؤسسات العلمية ومكاتب التصاميم والمعاهد. وفي هذا المجال كان يعمل بهدوء وتواضع، وبدون أنفة، وبقدرة عالية على العمل وعلى مدى سنين، الآلاف من اختصاصيينا وعلمائنا البارزين والمصممين والمهندسين، والعمال الموهوبين المنجذبين الى العمل الخلاق. وبينهم عدد كبير من الشباب. وكل هؤلاء وكذلك العسكريين، الذين أظهروا في الظروف الميدانية احسن صفات ومزايا المحارب الروسي، كل هؤلاء هم أبطال عصرنا الحقيقيين. واليوم اود ان اتوجه الى كل منهم بالقول : بالطبع ستكون هناك جوائز ومكافآت والقاب فخرية، ولكنني اعرف انني التقيت شخصيا بالعديد منكم مرات ومرات، وتعلمون ليس من اجل المكافآت. الشيء الرئيسي – من أجل العمل بثبات على ضمان أمن وطننا وشعبنا الروسي. وكرئيس للدولة الروسية وبالنيابة عن الشعب الروسي اتقدم من اعماق القلب بالشكر الجزيل على عملكم المتفاني والنتائج المترتبة عنه، وتعلمون ان وطننا بحاجة اليوم الى هذا العمل المبدع.

وقد وضعت في اساس جميع هذه النجاحات العسكرية ذات الآفاق المستقبلية، كما ذكرت، النجاحات اللامعة، التي بامكانها والتي يجب أن تستخدم مستقبلا وفي الوقت المناسب في قطاعات الانتاج المدني ذات التكنولوجيات العالية. وأود ان اشير بالذات الى : أن مثل هذا السلاح المعقد والفريد من نوعه يمكن ان يصنع وينتج بنجاح فقط في دولة تتمتع بمستوى عال للغاية من العلوم الأساسية والتعليم ومؤسسات البحث العلمي، وتقف على أرضية تكنولوجية وصناعية راسخة غنية بالكوادر العلمية. وكما تشاهدون فان لدى روسيا كل هذه الثروة.

وسنعمل لاحقا على تنمية هذه القدرات، وتركيز الامكانيات على حل المهام الكبيرة، التي تقف امام الوطن في مجال الاقتصاد والمجال الاجتماعي والبنى التحتية. وسيكون هذا التطور الجاد لروسيا على المدى البعيد محميا على الدوام.

بهذا الصدد أكرر، ان كل منظومة من منظومات الأسلحة المذكورة فريدة من نوعها ومهمة، والأهم من ذلك ان كل هذا يتيح امكانيات واسعة لاختصاصيي وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة لانشاء منظومة ذات آفاق مستقبلية متكاملة للدفاع عن الوطن، والتي يعهد الى كل آلية من آلياتها العسكرية دورها الأساسي. والى جانب الأسلحة الاستراتيجية الموجودة والواقفة في المناوبة العسكرية، والتي يتم تطويرها باستمرار، فان روسيا تحصل على منظومة دفاعية تضمن أمنها الدائم في المستقبل البعيد.

 ومن الطبيعي، علينا القيام بعمل كبير في مجال البناء العسكري، ولكن بامكاننا اليوم ان نقول بثقة تامة : في روسيا جيش عصري ومتكامل من حيث سعة أراضينا ويتمتع بتكنولوجيات عالية. ومركز هذ الجيش – هيئة الضباط المخلصين لوطنهم والمستعدين للتضحية من أجل شعبهم. فالمعدات والأسلحة، وحتى أحدث الأسلحة،  لا بد من أن تظهر يوما ما عند الجيوش الأخرى. وهذا لا يثير قلقنا، لأن كل هذا موجود عندنا وسيتطور في المستقبل. الشيء الرئيسي يكمن في شيء آخر :  من المستبعد ان يظهرعند شركائنا ابدا مثل هؤلاء المواطنين، مثل هؤلاء الضباط، مثل طيار الحرس الروسي، الرائد رومان فيليبوف.

وأعرب عن الأمل ان كل ما قيل اليوم سيعيد أي عدو محتمل الى صوابه ، اما مثل هذه الخطوات غير الودية تجاه روسيا، مثل نشر منظومة الدفاع المضاد للصواريخ، واقتراب البنى التحتية للناتو من حدودنا وما شاكل، تصبح من وجهة النظر العسكرية غير فعالة، ومن الناحية المالية – مكلفة دون تبرير، وفي نهاية المطاف لا معنى لها بالنسبة الى الذين يبادرون ويقومون بهذا العمل.

وعن كل ما جرى الحديث عنه اليوم كان علينا بهذا الشكل او ذاك ان نعلم شركاءنا، وذلك بموجب الالتزامات الدولية التي اتخذناها على عاتقنا سابقا. وفي الوقت والحجم المطلوبين سيناقش اختصاصيو الخارجية ووزارة الدفاع هذه المسائل مع شركائنا غير مرة، اذا ما رغبوا ذلك.

ولا بد أن اشير الى أن جميع الأعمال المتعلقة بتعزيز القدرة الدفاعية لروسيا قد اجريت وتجرى من قبلنا في اطار الاتفاقيات الجارية في مجال مراقبة الأسلحة، فنحن لا نقوم بخرق اي شيء. ويجب التأكيد على وجه الخصوص :  ان القوة العسكرية الروسية النامية لا تهدد اي بلد، فلم تكن لدينا، وليس لدينا اليوم أية خطط باستخدام هذه القدرات لأغراض هجومية او عدوانية.

نحن لا نهدد أحدا، ولا نحمل نوايا بالاعتداء على ألآخرين، ولا نحاول الاستيلاء على اي شيء عند التهديد بالسلاح : نحن نمتلك كل ما نريده. بل بالعكس أرى من الضروري التأكيد ( وهذا مهم جدا ) : على ان القدرة العسكرية النامية لروسيا – هي ضمان آمن للسلام على كوكبنا، على اساس أن هذه القدرة تحافظ اليوم وسوف تحافظ على التوازن الاستراتيجي وميزان القوى في العالم، وهو، كما هو معروف، كان وسيبقى أحد العوامل الرئيسية للأمن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية والى أيامنا هذه.

وأقول لأولئك الذين يسعون، على امتداد 15 عاما الأخيرة، لاطلاق عنان سباق التسلح من جديد، ويحاولون احراز تفوق من جانب واحد على روسيا، وفرض العقوبات غير القانونية من وجهة نظر القانون الدولي بهدف الحد من تطور روسيا، بما في ذلك في المجال العسكري اقول : ان كل ما أردتم عرقله ومنعه باتباعكم لهذه السياسة، قد تحقق. ولكن لم تتمكنوا من ردع روسيا.

والان يجب ادراك هذه الحقيقة، والاقتناع بان كل ما ذكرته اليوم ليس خدعة. يجب التفكير باحالة الذين يعيشون بأحلام الماضي على التقاعد. هؤلاء الذين ليس باستطاعتهم النظر الى المستقبل عليهم ان يكفوا عن هز الزورق الذي يحملنا جميعا، والذي يسمى " كوكب الأرض ".

وهنا لابد من الاشارة الى حالة أخرى. تثير قلقا كبيرا بعض احكام الاستعراض الجديد للاستراتيجية النووية الأمريكية، والذي تتسع فيه امكانيات التخفيض، وتنخفض فيه عتبة استخدام السلاح النووي. ويمكن في الأروقة تهدئة اي كان وكيفما كان، لكننا نقرأ ما هو مكتوب. والمكتوب أن السلاح النووي يمكن ان يستخدم ردا على الضربات بالأسلحة الاعتيادية او وحتى على التهديد المعلوماتي.

ومن الجدير بالذكر ان روسيا، في عقيدتنا العسكرية، تحتفظ بحق استخدام السلاح النووي ردا على استخدام الأسلحة النووية وغيرها من اسلحة الدمار الشامل ضدها او ضد حلفائها، او في حالة العدوان ضدنا باستخدام الأسلحة الاعتيادية حين تتعرض الدولة للتهديد. كل شيء مكتوب بدقة ووضوح وملموس.

بهذا الصدد ارى من واجبي ان اقول ان اي استخدام للسلاح النووي ضد روسيا او حلفائها، سواء من الطاقة الصغيرة او الوسطى وحتى من اية طاقة اخرى، فنحن سننظر الى ذلك كاعتداء نووي على روسيا. وسيكون الرد سريعا وفوريا، مع العواقب التي تترتب على ذلك.

وجراء ذلك يجب ان لا تظهر لدى اي كان اية شكوك، وعدم خلق اخطار وتهديدات جديدة في العالم، بل بالعكس يجب الجلوس خلف طاولة المفاوضات والتفكير سوية بشان تأسيس نظام جديد ذو آفاق مستقبلية للأمن الدولي وتطور الحضارة الثابت.هذا الكلام كنا نتحدث عنه دائما. وكل هذه المقترحات تحتفظ بقوتها، وروسيا مستعدة لمناقشة هذه المواضيع. ان سياستنا لن تبنى ابدا على الادعات بالاستثنائية، نحن ندافع عن مصالحنا ونحترم مصالح البلدان الأخرى ونسترشد بالقانون الدولي، ونعتبر الدور الرئيسي للأمم المتحدة أمرا ثابتا، والذي يسمح لنا باقامة علاقات راسخة وودية متكافئة الحقوق مع غالبية بلدان العالم.

وكمثال – شراكتنا الاستراتيجية الشاملة مع جمهورية الصين الشعبية. ولدى روسيا علاقات استراتيجية تتميز بافضلية خاصة مع الهند. وتحظى علاقاتنا بديناميكية جديدة مع الكثير من بلدان العالم.

ان روسيا تشارك بنشاط في عمل المنظمات الدولية. ونقوم مع شركائنا بتطوير عدد من الاتحادات والمؤسسات مثل منظمة اتفاقية الأمن الجماعي ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومجموعة بلدان (بريكس) للتعاون – البرازيل وروسيا والهند والصين وجمهورية جنوب أفريقيا.

الى جانب ذلك تقوم روسيا بتحقيق جدول اعمال ايجابي في الأمم المتحدة، وفي " مجموعة العشرين " والتعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ. لدينا مصلحة في التعاون الطبيعي والبناء مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. ونأمل بانتصار العقل السليم وقيام شركاؤنا بتحديد خيارهم لصالح التعاون النزيه ومتكافئ الحقوق.

وحتى اذا لم تتطابق مواقفنا في مسألة ما، لكننا نبقى شركاء، حيث علينا الرد سوية على التهديدات المعقدة للغاية وضمان الأمن العالمي وبناء عالم المستقبل، الذي يصبح اكثر تماسكا وارتباطا وذو علاقات متبادلة، حيث تحظى عمليات التكامل بديناميكية نشيطة.

وسوية مع الشركاء في الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي نسعى الى جعل هذا الاتحاد اتحادا تكامليا منافسا على الصعيد العالمي. وفي جدول الأعمال تأسيس سوق مشتركة للطاقة الكهربائية والنفط والمنتجات النفطية والغاز في قوام التعاون الاقتصادي الأوروبي الآسيوي، وتنسيق الأسواق المالية وعمل أجهزة الكمارك. وسنواصل العمل على مشروع تأسيس الشراكة الأوروبية الآسيوية الكبيرة.

الزملاء المحترمون

يمر العالم اليوم بأكمله بمرحلة انعطاف، وسيحتل مكان الصدارة فيها اولئك الذين لهم الاستعداد والمقدرة على التغيير، اولئك الذين ينشطون ويتقدمون الى الأمام. ان مثل هذه الارادة ابداها وطننا وشعبنا في جميع المراحل التاريخية التي حددت تطورنا. وخلال السنوات 30 الأخيرة حققنا تحولات لم يكن بوسع الدول الأخرى تحقيقها الا خلال قرن كامل.

سرنا ونسير وسنخطوا وفق النهج المرسوم بثقة عالية. كنا وسنكون معا. ان تلاحمنا وتكاتفنا – أقوى اساس للتطور اللاحق. علينا تعزيز وحدتنا اكثر فاكثر خلال السنوات المقبلة، من اجل ان نعمل كفريق واحد يدرك ان التحولات ضرورية، ومستعد لتسخير قواه ومعارفه وتجاربه ومواهبه لتحقيق الأهداف المشتركة.

ان التحديات والمهام الكبيرة  تفعم حياتنا بمعنى خاص. علينا ان نتحلى بالجرأة في مقاصدنا واعمالنا وتصرفاتنا، وأخذ زمام المبادرة والمسؤولية، وأن نصبح أقوياء، وهذا يعني – جلب الفائدة للعائلة والأطفال وللبلد، وتغيير العالم وحياة البلاد نحو الأفضل، وتطوير روسيا، التي نحلم بها جميعا. عند ذلك ستصبح السنوات العشر المقبلة او القرن الحادي والعشرين بالكامل وبلا شك مرحلة لانتصاراتنا الرائعة ونجاحاتنا المشتركة. لي الثقة الكاملة بذلك، وسيتحقق ما ذكرته.

                                                                          وشكرا