طريق الشعب
حذر رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية مارك راولي من تصاعد خطر اليمين المتطرف على المجتمع البريطاني، بعد كشفه النقاب عن إحباط أربع محاولات إرهابية خلال العام الماضي.
وقال المسؤول البريطاني إن التطرف اليميني في بلاده "لا يقل خطورة عن التطرف الإسلامي، وإنهما كليهما يسعيان إلى بث الفرقة وتقويض قيم التسامح في المجتمع". وقد ظلت الحكومة البريطانية وأجهزتها الأمنية حتى وقت قريب تحذّر من خطر الإرهاب، وتكاد تنسبه دائما وحصريا إلى من تسميهم المتطرفين الإسلاميين، خصوصا بعد أحداث تموز 2005 وما تلاها من تفجيرات أخرى. غير أن الصورة بدأت تتغير بعد مقتل نائبة بريطانية بنيران أحد المتطرفين البيض شمالي إنجلترا قبل نحو سنتين، وتعرض مسجد فنسبيري بارك وسط لندن إلى اعتداء عنصري العام الماضي نفذه دارن أوزبورن الذي تشبع بأيدولوجية العداء للأجانب ومن يحاول الدفاع عنهم بعد أن نهل كمّا كبيرا من الدعاية اليمينية على مواقع الإنترنت.
وأشار راولي إلى أن الأجهزة الأمنية البريطانية أحبطت أربع محاولات إرهابية لليمين المتطرف العام الماضي ولم تعلن عنها، وقال "ركزنا من قبل على وقف المحاولات الإرهابية التي يتسبب فيها المتطرفون المسلمون، والجميع يعلم أننا شهدنا خمسة أعمال إرهابية. لكن هذه المحاولات الأربع التي أحبطناها توضح حجم التحديات التي نواجهها".
وتزداد خطورة تحذير مسؤول الشرطة من إرهاب اليمين المتطرف بعد كشفه أيضا أن ثلث الأشخاص الذي ينهلون من نبع أيدولوجية التطرف ممن يحالون إلى مؤسسة "بريفنت" الحكومية لدرء خطر التطرف؛ هم يمينيون متطرفون.
وعلى خلفية تنامي النزعة اليمينية، حظرت وزيرة الداخلية البريطانية قبل 18 شهرا تنظيم مجموعة العمل المتطرفة التي تتشكل من العنصريين البيض والنازيين الجدد، وذلك بناء على معلومات أمنية.
واكتشفت الحكومة البريطانية أن التنظيمات اليمينية المتطرفة التي حظرتها مثل الرابطة الإنجليزية و"بريطانيا أولا"، تضم في صفوفها عناصر ينتمون إلى المؤسسة العسكرية، وأمست تخشى امتداد تأثيراتها الخفية إلى المجتمع البريطاني ومؤسساته المختلفة.

تأثيرات صعود اليمين المتطرف فى أوروبا

ويشير مركز أبحاث المستقبل في تقرير له لبعض تلك التأثيرات والتداعيات الناتجة عن صعود اليمين المتطرف، حيث تتجلى الآثار المباشرة مع اتجاه القوى السياسية التقليدية في بعض الدول الأوروبية لتبني حلول وإجراءات متشددة، أي المطالب التي يطرحها اليمين المتطرف، بحجة سحب البساط من تحت أقدامه والحد من سيطرته على المزاج العام الأوروبي. حدث ذلك في الدانمارك مع تبني البرلمان بغالبية ساحقة (تأييد 81 نائبا من أصل 109 حضروا الجلسة)، كانون الثاني 2016، تعديلا لقانون اللجوء تقدمت به الحكومة يهدف إلى إبعاد المهاجرين ومنعهم من محاولة الوصول إلى هذا البلد، ويتضمن إمكانية مصادرة مقتنيات ثمينة من المهاجرين بهدف استخدامها لتمويل إقامتهم في البلاد قبل البت بطلبات لجوئهم، فضلا عن بنود أخرى مثيرة للجدل حول ظروف الإقامة وتقليص حقوق اللاجئين الاجتماعية وإطالة المهل المتعلقة بلم شمل العائلات، حتى أن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة اتهمت الدنمارك بتأجيج “الخوف وكره الأجانب”.
بالمثل تبنى برلمان النمسا، في نيسان 2016، واحدا من أكثر قوانين اللجوء تشددا في أوروبا، إذ يسمح القانون -الذي حظي بتأييد 98 صوتا مقابل 67- للحكومة بإعلان “حالة الطوارئ” بشأن أزمة اللاجئين، ورفض معظم طالبي اللجوء، حتى من دول تشهد نزاعات مثل سوريا. ويلزم مشروع القانون، كذلك، اللاجئين بتقديم طلب اللجوء فورا أمام الحكومة عبر مراكز تسجيل مشيدة لهذا الهدف، حيث يحتجزون لمدة 120 ساعة بينما يتم النظر في طلباتهم. وتشبه هذه القيود قوانين أخرى صادقت عليها حكومة اليمين المتطرف في المجر عام 2015 .هذا بالنسبة للأجانب، أما على الصعيد الداخلي المباشر فإن من أهم نتائج نجاح اليمين المتطرف إن تسنى له الوصول الى الحكم تفكيك الاتحاد الأوروبي بخروج دول أخرى منه – إن نجح فيها اليمين المتطرف- مقتديا بالنموذج البريطاني، وهو أمر دعت إليه صراحة أحزاب هولندية وفرنسية.
كذلك لا يمكن إغفال النتائج الأمنية وانهيار المنظومة الاجتماعية واحتمالات المواجهة المباشرة بين قوى يمينية متطرفة سترى في نجاح أي حزب متطرف انتصارا له لتزيد من اعتداءاتها على المهاجرين واللاجئين، مما قد يضطرهم بدورهم الى الدفاع عن أنفسهم، وخروج الأمور عن السيطرة.