طريق الشعب
شارك زهاء 650 ألف موظف حكومي تونسي الخميس الفائت ، في إضراب وطني عام، احتجاجاً على رفض الحكومة مطالب الاتحاد العام التونسي للشغل (للنقابات) برفع أجور الموظفين.
وشمل الإضراب المدارس والجامعات والمستشفيات العامة إضافة الى الوزارات، فيما حافظت بعض الخدمات على الحد الأدنى لتسيير العمل.
وأشار الأمين العام لاتحاد الشغل في تونس نور الدين الطبوبي، إلى أن "الإضراب جاء بعد أن استنفد الاتحاد جميع الحلول وفشلت المفاوضات وبعد رفض الحكومة زيادة الأجور".
وقال: ان" القرار السيادي لم يعد بأيدي الحكومة وإنما أصبح في أيدي صندوق النقد الدولي".
ولفت إلى أنه يتوقع أن ينضم الآلاف إلى المضربين في تونس العاصمة وعديد من المدن التونسية للتعبير عن احتجاجهم ضد قرار الحكومة تجميد الزيادات في الأجور.
وتواجه الحكومة التونسية ضغوطا من المؤسسات المالية العالمية، خصوصا صندوق النقد الدولي الذي يطالبها بتجميد الأجور في عملية اعادة هيكلة للقطاع العام ، وفق وصفات الصندوق التي تملي تقشفا قاسيا على حساب العاملين، لمعالجة عجز الميزانية.
وتسعى الحكومة إلى خفض فاتورة أجور القطاع العام إلى 12,5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مع حلول عام 2020، نزولاً من حوالي 15,5 في المائة، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم حسب صندوق النقد الدولي.
وكانت تونس قد اتفقت مع النقد الدولي عام 2016 على برنامج قروض تبلغ قيمته نحو 2,8 مليار دولار، لـ"إصلاح" اقتصادها المتدهور مع خطوات لخفض العجز المزمن وتقليص الخدمات العامة المتضخمة. لكن التقدم في تلك الإصلاحات كان بطيئا ومتعثرا.
وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل قد اعلن قبل ذلك انهاء المفاوضات مع الحكومة، ايذانا بدخول الصراع معها منعطفاً حاسماً، والدعوة إلى تجمع عمالي أمام البرلمان مع التوجه نحو خطوات “تصعيدية” يقررها الاتحاد وكل هذا يؤشر بلوغ المواجهة نقطة اللا عودة.
جدير بالذكر ان الحكومة التونسية الحالية التي فرطت بالسيادة الوطنية تماشيا مع املاءات المراكز المالية والمفوضية الأوربية، تسعى الى خوض صراع مع قوى المجتمع، بهدف اختبار قدرات الاتحاد العام الشغل، الذي يعد قوة معارضة ذات دور مؤثر اقتصادياً وسياسياً.
وفي عام 2012 اشعل الإسلاميون الحاكمون منذ الاطاحة بنظام بن علي، فتيل مواجهة دموية، قامت خلالها ميليشياتهم بمهاجمة مقر الاتحاد. وبدا واضحا انهم يكثفون الجهود لإدخال البلاد في نفق “إصلاحات” المؤسسات المالية العالمية.
ان الأزمة الاقتصادية، ملف الاغتيالات السياسية، والجهاز السري لحركة النهضة، والإضراب العام لموظفي الدولة، ان هذا كله يشكل طوقا يضيق يوما بعد يوم حول السلطة ويزيد نظام الحكم الحالي عزلة في مواجهة الشعب والقوى الاجتماعية.