رشيد غويلب
سيطرت اجواء حرب الولايات المتحدة الأمريكية التجارية ضد الصين على قمة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) التي عقدت في الفترة 13 -14 الشهر الحالي في سنغافورة.
ان الخسائر الاقتصادية التي قد تسببها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تؤثر بشكل مباشر على الدول الاعضاء العشر في الرابطة، فالصين والولايات المتحدة يمثلان على التوالي اكبر شركاء بلدان المجموعة التجاريين. رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد قال في سنغافورة "في بعض الأحيان حتى الدول غير المذنبة تضطر الى دفع الثمن إذا كانت هناك عقوبات". واشتكى رئيس الوزراء الماليزي من الخسائر التجارية التي تواجهها دول جنوب شرق آسيا بسبب الصراع الأمريكي - الصيني. واضاف السياسي البالغ من العمر 93 عاما "هذا النوع في ممارسة الضغط الاقتصادي لترهيب الناس سيئ للغاية. ويجب ألا تستخدم التجارة" كسلاح "لممارسة الهيمنة "، كما يجب تجنب أشكال الاستعمار الجديد.
وحاولت القمة إيجاد بدائل اقتصاديه لتعويض خطر الخسائر المحتملة. وقال مهاتير من الضروري توسيع التجارة والاستثمار، لأن تبادل السلع بين الدول الأعضاء يشكل 25 في المائة فقط من إجمالي التجارة الخارجية. وطالب رئيس الوزراء ، الذي سبق أن شغل هذا المنصب في سنوات 1981 - 2003 ، بضرورة وصول التبادل التجاري الى ما لا يقل عن 30 في المائة ، ولا يزال المستثمر الأكثر أهمية في دول جنوب شرق آسيا هو الولايات المتحدة الأمريكية. وتقوم الصين بتوسيع استثماراتها بوتيرة سريعة. وشهدت القمة المشتركة بين "آسيان" والصين، التي عقدت في الوقت نفسه في سنغافورة التوصل الى اتفاقات جديدة لتوسيع التعاون المشترك مع جمهورية الصين الشعبية. وقال رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ إن هناك حاليا "زخما إيجابيا" في العلاقة بين دول الرابطة والصين.
ولم تشهد القمة تحقق اي تقدم بخصوص الشراكة الإقليمية الشاملة، التي ستربط دول"آسيان" بستة بلدان اخرى هي: الصين، كوريا الجنوبية، اليابان، الهند، أستراليا، نيوزيلندا، لتصبح أكبر منطقة تجارة حرة في العالم. وتعتبر بكين التوصل الى الشراكة الاقليمية الكاملة، ردا على اتفاقية التجارة الحرة العالمية التي عملت الولايات المتحدة على التوصل اليها مع حلفائها الغربيين لمحاصرة الصين اقتصاديا، والتي ادت سياسات ترامب عمليا الى طي صفحتها. وفي هذه الاثناء تسعى جميع البلدان المعنية بالشراكة الإقليمية للتوصل الى اتفاق سريع، لتقليل من اضرار سياسة ترامب الاقتصادية. والهند هو البلد الوحيد المتردد، لأنها لا تريد حرمان منتجاتها من الحماية ضد المنافسة الأجنبية. وعلى الرغم من نفاد صبر معظم الدول المشاركة ، إلا أنه تم التفاهم بشأن بابين فقط آخرين من ابواب الاتفاقية، ولا يزال هناك 11 بابا من مجموع ابواب الاتفاقية البالغ عددها 18بابا، يتوقع الوصول الى اتفاق نهائي بشأنها في العام المقبل.
وعلى هامش القمة جرت حوارات ثنائية تناولت قضايا سياسية، بما في ذلك ملفات السياسة الخارجية، والقضايا العسكرية. ويصح هذا، بشكل خاص، على محادثات نائب الرئيس الأمريكي مايكل بنس في سنغافورة، الذي عمل على قرع طبول استراتيجية واشنطن الجديدة في المحيط الهادي التي تهدف إلى ضم الهند إلى تحالف مناهض للصين إلى جانب دول مثل اليابان وأستراليا. وفي هذا السياق التقى رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي ، وتناول معه ، بين أمور أخرى، امكانية تحويل الهند الى موقع انتاج اقليمي لإنتاج وبيع المنتجات العسكرية الأمريكية. ومن المعروف ان الهند تستورد اغلب اسلحتها من روسيا.
لقد استطاعت الصين ودول الرابطة احراز تقدم بشأن الاتفاق حول العديد من الجزر المختلف عليها في المنطقة، والتي يستخدمها بعض الشركاء لأغراض عسكرية. وعلى الرغم من استبعاد نشوب صراع مسلح بين دول المنطقة، الا انه ليس مستحيل، ولهذا فان التوصل الى اتفاق مشترك يعزز حالة الامن المنشودة في هذه المنطقة.