رشيد غويلب
احتضن فندق "بايرشهوف" وسط مدينة ميونخ الالمانية، أيام 16 – 19 شباط الجاري الدورة السنوية رقم 54 لــ " مؤتمر الأمن" التي يسمى نسبة لها. وافتتحت اعمال المؤتمر،الذي تقدم الحكومة الألمانية مبالغ طائلة لتمويله، ويضيفه ويرعاه الجيش الألماني، من قبل وزيرة الدفاع الالمانية اوزولا فون ديرلان، مشاركةً مع نظيرتها الفرنسية فلورانس بارلي.
مشاركة واسعة

وشارك في اعمال المؤتمر رؤساء 21 دولة وحكومة، وأكثر من80 وزير خارجية ودفاع، وأكثر من 600 مدعو من المديرين التنفيذيين لشركات انتاج السلاح والمعدات الحربية العالمية، وممثلون عن مراكز البحث في شؤون العسكرة وتطويرها، من أكاديميين ومجموعات ضغط (لوبي) تمثل مصالح الرأسمال العالمي، والتي يحلو للإعلام التقليدي تسميتها بـ "منظمات المجتمع المدني"
ومن بين المشاركين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والسكرتير العام لحلف الناتو، و رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ورئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ورئيس وزراء حكومة اقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، و وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، كما حضر المؤتمر رؤساء عدد من أهم أجهزة المخابرات في العالم.

طبيعة المؤتمر

ومن المعروف ان "مؤتمر ميونخ للأمن"، يعقد سنويا، ومهمته مناقشة قضايا الساعة في العالم من زاوية المصالح الاقتصادية والعسكرية للدول الغربية، ووضع الاٍستراتيجيات العسكرية والسياسية المطلوبة. وتركز النقاشات على الحرب وعمليات العنف الجارية في سوريا وعلاقات الاتحاد الأوروبي مع روسيا والولايات المتحدة والبرنامج النووي لكوريا الشمالية ، فضلا عن ملامح السياسة الخارجية وسياسة العسكرة والتدخل للولايات المتحدة وبلدان الناتو.

من اجواء المؤتمر

المستشار الاتحادي النمساوي سيباستيان كورز، الذي حاول الحد من "سلطة بروكسل"، طالب، في تناقض واضح، بتعزيز دور وقوة الاتحاد الأوروبي. فيما قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتفكيك جزء من طائرة بدون طيار، يفترض انها ايرانية، وألقى كلمات حادة ضد إيران. بدوره وصف وزير خارجية طهران الذي لم يكن في القاعة سلوك نتنياهو بـ "السيرك".
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حذر من "فاشية جديدة في اوروبا". فيما كان التمثيل الأمريكي اقل من مثيله في الدورة السابقة، حيث تواجد نائب دونالد ترامب مايك بينس ، اما هذه المرة فقد اكتفى الرئيس بإرسال فقط مستشاره الأمني هربرت ريمون ماكماستر. وكان وزير الدفاع جيمس ماتيس موجودا في فندق المؤتمر، ولكنه تجنب الظهور على المسرح.
واستغرب العديد من المشاركين من كلمة رئيس الوزراء التركي، الذي لم يدافع عن الغزو العسكري التركي لعفرين فقط، بل استنكر تصريحات شركائه في الناتو، لأنها حذرة و "تدعم الإرهابيين" في سوريا.
رئيس المؤتمر الدبلوماسي الألماني السابق فولفغانغ ايشنغر، صرح عند نهاية اعمال المؤتمر، بانه شهد عرضا للمشاكل والتحديات مع غياب تام للحلول.


احتجاجات حاشدة

وعلى غرار الدورات السابقة، وعلى الرغم من الاجواء شديدة البرودة، جوبهت جلسات المؤتمر باحتجاجات حاشدة دعا اليها تحالف يضم 100 منظمة، بضمنها الألمانية وبدعم من المنظمات الاجتماعية وقوى اليسار السياسية. وشارك في احتجاجات هذا العام، ، 4 آلاف متظاهر، وتعد هذه الاحتجاجات من اكبر تظاهرات السلام في المانيا. وشدد قادة حركة الاحتجاج على إن هذا المؤتمر لا يهتم لا بالأمن ولا بالحلول السلمية، وان جهد المشاركين فيه ينصب على مضاعفة الأرباح، وحماية مصالح المهيمنين. ولهذا هناك ضرورة لكشف خطط المجتمعين الحقيقية، وطرح البدائل السلمية لها، وعدم السماح بتشتيت جهد الساعين اليها. وساهمت في الاحتجاجات جمهرة واسعة من الأكراد والأتراك الرافضين لحرب أردوغان في عفرين. كما اقامت منظمات سلام المانية وتركية دعوى قضائية ضد مشاركة رئيس الوزراء التركي في اعمال المؤتمر..
وشارك 4 آلاف رجل امن في حماية مكان المؤتمر، وفي عرقلة وتعطيل مسار الاحتجاجات. وقامت قوى الأمن باعتقال عدد من المتظاهرين بدعوى انهم رفعوا رموزا محظورة تمثل المنظمات المدافعة عن عفرين.
وبالتوازي مع جلسات "مؤتمر الأمن" عقد يومي الجمعة والسبت في ميونخ، مؤتمر سلام عالمي ، شارك فيه قرابة 350 شخصية بينهم العديد من الباحثين في شؤون السلام والنزاعات الدولية.