رشيد غويلب
في 28 تشرين الأول 2018 ، كان خيارالبرازيليين ليس فقط بين متافسين اثنين، بل بين نموذجين سياسيين واقتصاديين متعارضين اساسا: الديمقراطية والاستثمار الاجتماعي أو الدكتاتورية واستبداد اليمين المتطرف والليبرالية الجديدة.
ان انتصار بولسونارو يعني عودة اليمين المتطرف إلى السلطة، بعد 33 عامًا من نهاية الدكتاتورية العسكرية عام 1985 والسير بالبرازيل نحو الفاشية. وبعد اعلان النتائج مباشرة قال بولسونارو "سأغير مصير البلاد ، ولا غزل بعد اليوم مع الاشتراكية والشيوعية والشعوبية والتطرف اليساري".
وفي اليوم نفسه اصدرالحزب الشيوعي في البرازيل بيانا ضمنه تقييماته وتوجهاته لمواجهة الفاشية الصاعدة وفي مايلي عرضا للبيان.
يمثل الحزب القوة الرئيسة لليسار الماركسي في البرازيل، وهو الحليف الرئيس لحزب العمل البرازيلي، وقد كانت القيادية في الحزب مانويلا دافيلا مرشحة اليسار لمنصب نائب الرئيس.
شدد الحزب في بيانه الصادر بعد اعلان النتائج مباشرة على ان انتصار يائير بولسونارو في الانتخابات الرئاسية يمثل دخول البلاد مرحلة سياسية جديدة تمتاز بتهديد الديمقراطية والتراث الوطني والسيادة وحقوق الشعب. لقد تم اختيار رئيس مصمم على قيادة حكومة دكتاتورية تنفذ برنامجًا غير تقليدي واستعماريا جديدا.
واشار البيان الى ان حصول مرشحا اليسار فرناندو حداد رئيساً ومانويلا دافيلا نائبة للرئيس على أكثر من 47 مليون صوت ، يشكل قاعدة قوية للوعي الديمقراطي في البلاد ، و معارضة قوية انطلقت عمليا منذ الآن.
واضاف البيان" لقد أصبح واضحًا للغاية في المراحل النهائية من جولة انتخابات الرئاسة الثانية، تعرض مؤسسات الجمهورية بما فيها المحكمة العليا ومحكمة الانتخابية العليا للتهديد. وبنفس الطريقة ، تم مهاجمة الضمانات الأساسية التي ينص عليها الدستور الاتحادي ، بما في ذلك حرية الصحافة والتظاهر والتجمع. وتم انتهاك استقلال الجامعات. لقد كان الرئيس المنتخب حديثًا داعية للعنف والتعصب والكراهية بين البرازيليين ، متعهدا بسجن أو طرد المواطنين "الحمر"، والحركات والمؤسسات الشعبية وتجريم الشعب".
ونبه الحزب الى ان الاختراق الرجعي في البرازيل التي تمثل احد اهم 10 اقتصادات في العالم، سيكون تراجعا ذا تأثيرات سلبية هائلة في امريكا اللاتينية. واعتبر الحزب الانقلاب البرلماني، الذي عزل رئيسة البلاد المنتخبة ديمقراطيا دليما روسيف في آب 2016 ، نقطة الانطلاق في استيلاء اليمين المتطرف على السلطة . ويمثل ذلك قطعا للتحول الديمقراطي ، الذي بدأ، مع نهاية الدكتاتورية العسكرية في عام 1985
وذكر الحزب بالاجراءات غير القانونية التي اتخذت، خلال سير الانتخابات، لصالح مرشح اليمين المتطرف ،ناهيك عن ما يسمى بحرب الأخبار المزيفة ، والتي كشفت تقارير صحفية عن تمويلها بطرق اجرامية من قبل الشركات الكبرى. ان هذه التجاوزات على القانون وغيرها اثرت على نتيجة استطلاعات الرأي. ودعا الحزب الى التحقيق الفوري في هذه التجاوزات، واصدار قرارات شاملة تعيد العدالة الى نصابها.
واكد الحزب ان المقاومة بدأت بدعم القوى الديمقراطية والتقدمية والوطنية والشعبية لمرشحي اليسار، والموقف الذي اتخذته الشخصيات والمؤسسات التي دافعت عن الديمقراطية باصواتها. ويجب تنظيم المقاومة ، والمعارضة الفعالة ، على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية ، بدءاً بالكونغرس الوطني والمؤسسات التشريعية الأخرى ، ومن الضروري توسيعها لتشمل الحركات الاجتماعية و منظمات الطبقة العاملة والأوساط الأكاديمية. والمفكرين والفنانين والقضاء والجماعات الدينية وأيضًا أعضاء مؤسسات الجمهورية. وسوف يلعب حكام الولايات ونواب المعسكر الديمقراطي دوراً مهماً، على جميع المستويات، في هذا الصراع.
وان الحزب الشيوعي في البرازيل، بتاريخه الممتد الى قرابة مائة عام، ناضل جنبا إلى جنب مع القوى التقدمية الأخرى في البلاد ضد جميع الحكومات والأنظمة السلطوية والاستبدادية التي حكمت، وعلى اساس هذه التجربة، يؤكد وبثقة للشعب البرازيلي أنه لن يكون من السهل، وعلى الرغم من الأخطار الجسيمة التي تلوح في الأفق، اغتيال الديمقراطية البرازيلية. وذلك لجذورها العميقة الممتدة في تربة البلاد ، والتي كلفت الشعب عددا غير محدود من الشهداء والضحايا.
وفي الختام دعا الحزب القوى الديمقراطية في البلاد الى البدء فورا في بناء جبهة واسعة، والبدء بحملة وطنية وديمقراطية للدفاع عن قيم الديمقراطية وحقوق الشعب في البرازيل.