تصر القوى المتنفذة الشيعية وبخاصة الإطار التنسيقي الحاكم على فرض هذا القانون البائس لكي تنجو من عقاب تطبيق العدالة في قضية إجراء الانتخابات وفق معايير معمول بها في الكثير من الدول، هذه المعايير تعتمد اول ما تعتمد على نظام المنطقة الانتخابية الواحدة والتمثيل النسبي ثم القائمة المفتوحة وهي طريقة تعزز النظام الديمقراطي وتتعارض مع الروح المنطقية حيث تتجسد فيها حقوقية المواطن، القوى في  الإطار التنسيقي  لا تريد مثل هكذا قانون لأنها بحاجة الى ثغرات تستطيع من خلالها  النفاذ للاستيلاء  على أصوات الناخبين في  التنظيمات والأحزاب الأخرى، كي تتمكن من تمرير من ترغب بهم الى المجلس النيابي ، ان الرفض الجماهيري لهذا القانون ورفض القوى الوطنية والديمقراطية دليل على أنه قانون غير عادل ومرفوض إلا أننا  نجد تحالف الإطار التنسيقي الحاكم متمسك لتمريره لأهداف مبيتة يبتغى من خلالها إحراز مكاسب نفعية سياسية، ويحاول تحجيم الأحزاب والتنظيمات الوطنية والمدنية  التي تسعى لتغيير القانون بهدف إنهاء هيمنة الأحزاب والتنظيمات والميليشيات الحاكمة وإنهاء المحاصصة المقيتة ، لقد كانت انتفاضة تشرين وعشرات المظاهرات التي عمت البلاد قبل الانتفاضة واثنائها وحتى هذا الوقت تطالب بقانون انتخابي عادل للخروج من المحاصصة الطائفية ، قانون واضح يعتمد بالأساس على تحقيق الحقوق الكاملة لجميع المشاركين في الانتخابات التشريعية النيابية وانتخابات مجالس المحافظات ولا يغمط حق أي جهة في حرية التصويت او الاستيلاء على أصوات الآخرين بطرق أفعوانية تحت طائلة الادعاء " هذا لصالح المواطن والوطن وغيره لا يمكن ان يكون صالحاً" إلا أن هذا القانون المزمع اقراره لا يمكن أن يكون صالحاً او عادلاً لأن القوى الحاكمة تصر عليه بينما ترفضه أكثرية الجماهير، القانون الصالح للجميع لا يسمح بأي محاولات للتزوير والتزييف او شراء الذمم، إضافة الى وجود صراع بين الكتل الأخرى وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي  وبخاصة البعض من مواده فقد أشار شيرزاد صمد أن " ائتلاف إدارة الدولة دون الاتفاق مع الكتل الكردية المنضوية فيه حاول ابقاء المادة (٣٥) في قانون الانتخابات الخاصة بكركوك مع إجراء تعديلات طفيفة غير دستورية فيه بعد أن تمكنوا من تكملة نصاب جلسة الليلة الماضية من دون الكتل الكردية".وهذا الشأن دليل على مدى عمق الخلافات وعدم وجود الثقة بينهم وقد تكون هناك تداعيات اخرى، وبهذا الصدد أضاف شيرزاد "سيلجأ الكرد بالطعن في المادة المذكورة لدى المحكمة الاتحادية العليا لعدم دستوريتها حسب قرار المحكمة الرقم ١٠٣ لسنة ٢٠١٩".
للعلم فقد صوت مجلس النواب يوم الاثنين 3 / 4 / 2023 على التعديل الثالث إضافة لقانون انتخابات مجلس النواب وقانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية، وهكذا يهدف الإطار التنسيقي الشيعي إلى فرض سانت ليغو بدعوى تعديله وذلك يطابق المثل المعروف "تريد ارنب أُخذ ارنب تريد غزال أُخذ ارنب " إلا أن الجماهير خَبرت اهداف القوى المتنفذة والاعيبها في الانتخابات وقانون الانتخابات وكانت انتفاضة تشرين من أوائل مطالبها قانون انتخابي عادل  وعلى ما يبدو أن الإطار التنسيقي يسعى اول ما يسعى لتسويف هذا المطلب الحقوقي لكن هيهات فها هي الاحتجاجات تتواصل في العديد من مناطق البلاد ضد قرار اعتماد سانت ليغو التعديل الثالث وهو رفض عشرات الآلاف من المحتجين في العديد من المحافظات منها كركوك والمثنى  ذي قار والبصرة وبغداد والعديد من العاملين في القطاع الحكومي او القطاع الخاص، الجميع لا يثقون بسانت ليغو المعدل  لا بل يرفضونه ويقفون بالضد من أي قرار برلماني لفرضه بالقوة ويعتبر ذلك انتكاسة للديمقراطية وحرية الاختيار وانقلاباً على الانتصارات الشعبية التي حققتها الجماهير في2019 حيث تم اسقاط القانون المذكور، الادعاء بالديمقراطية كيافطة لم يعد ينطلي واصبح مكشوفاً لأكثرية المواطنين ومحاولة الإطار التنسيقي على الرغم  من التعديلات يسعى بكل ما لديه من إمكانيات الى تمريره واعتماده وأشرنا الى الأسباب، وقد أشار رئيس المركز المدني للدراسات والإصلاح القانوني عباس الشريفي أن "القانون الجديد أفضل من سابقه لكن التعديلات المقترحة عليه لم تأت بشي جديد بشكل عام، وسيواجه صعوبات تنفيذية لكونه قد جمع ثلاثة قوانين بقانون واحد" وهذا الأمر يجعل من القانون أداة بيد الإطار التنسيقي لكي يستولي على أكثرية الأصوات ومنها يستطيع الهيمنة على الحكومة القادمة، وفي حديثه مع ( اندبندنت عربية ) أكد الشريفي "الخلل ليس في الدوائر، الخلل في عملية التمثيل والمشاركة من عدمها والتنظيم وعدم التنظيم" كما أشار بحق "الصيغة الحالية للقانون ستدفع بالوجهاء الاجتماعيين وشيوخ العشائر وأصحاب الأموال والأحزاب الكبيرة إلى تصدر المشهد من جديد" وهذا يعني أن دماء شهداء انتفاضة تشرين أصبحت في خبر كان وأنهم مصرون على علميات الخداع والتنكر لوعود اطلقوها "حول عدالة القانون الانتخابي والانتخابات" التي طالب بها المحتجين والمتظاهرين الذين طالبوا وما زالوا يطالبون بقانون انتخابي عادل وعلى المفوضية العليا للانتخابات أن تكون نزيهة وحيادية  والتخلص من المنظومة السياسية للمحاصصة، وقال في هذا الصدد فاضل البدراني أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية إن "الأمر لم يعد يتعلق بقانون الانتخابات، إذ إن هدف المحتجين هو تغيير المنظومة السياسية برمتها" فقانون الانتخابات الذي اصبح لعبة شطرنج بيد القوى المتنفذة ممكن تغييره أو تجميده أو سن غيره ، لكن المطلب الرئيسي للمحتجين كان تغيير قانون الانتخابات بهدف أبعد وهذا ما أكده الصحافي والكاتب  أحمد الشيخ ماجد أن "المطلب الرئيسي للمحتجين بعد إقالة حكومة عبد المهدي هو تغيير قانون الانتخابات إلى قانون منصف وعادل، لا يؤسس لهيمنة الأحزاب ذات البعد الطائفي والعرقي"  ولهذا فإن المشكلة الأكبر هي المنظومة السياسية الطائفية التي تهيمن على مقاليد السلطة والدولة وبالتأكيد ان التخلص منها يُمكن القوى الوطنية من بناء الدولة المدنية وتحقيق السلم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية.

أن احتمالات فرض سانت ليغو بتعديله الثالث وارد وممكن بوجود هيمنة الإطار التنسيقي على البرلمان مع وجود إصرار البعض على تمرير سانت ليغو المرفوض من قبل جماهير واسعة والقوى الوطنية والديمقراطية والمستقلة غير المنظمة لأحزاب او تنظيمات سياسية، ونجد أن هناك مخطط قيد التنفيذ من قبل الأطراف السياسية التي تصر على سانت ليغو واستشهدت الكاتبة جوان نعوم 28 / مارس / 2023 أن هناك « 4 أجندات وراء الإصرار على التصويت لصالح نظام "سانت ليغو".. هل تُقلب المعادلة؟" وذكرها محمد علي الحكيم ( محلل سياسي عراقي ) بإسم " طبخة " متكونة من اجندات أربعة من قبل ائتلاف إدارة الدولة لكي تتمكن من السيطرة على مجلس النواب والدولة باتجاه إبعاد الكتل الأصغر والتي نشأت وكذلك المستقلين ، وذكر الحكيم

" 1ــ تمرير قانون انتخابات وفق نظام "سانت ليغو " ١/٧ المفصل على مقاسات الأحزاب الكبيرة حصرًا

2- تغيير مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي

3- تغيير أعضاء مفوضية حقوق الإنسان 

4- تغيير المفوضية العليا المستقلة للانتخابات واستبدالهم بأعضاء من الأحزاب"

هذا المخطط " الطبخة" يجب أن تعيه الجماهير والقوى الرافضة لقانون مُفصل على قياس القوى المتنفذة وإلا لن يكون هناك أي تغيير وتقدم، بل إبقاء الأوضاع كما هي لصالح القوى المتنفذة والطائفية وسيطرة الميليشيات المسلحة، وكما نعتقد إذا أصرت القوى المتنفذة على سياسة المحاصصة وسانت ليغو ستشهد الانتخابات حالة انحسار وتراجع ولن تكون نتائجها افضل من نسب نتائج الانتخابات السابقة وقد تكون اقل ومن اجل عملية التغيير الجذري يجب النضال بلا هوادة ضد إنهاء المحاصصة وسن قانون انتخابي لا يغمط أي حق وبوجود مفوضية عليا للانتخابات مستقلة قولاً وفعلاً ،  على جميع قوى الخلاص الوطني ومن موقع المسؤولية حشد المواطنين لأهداف وطنية ولإعادة بناء البلاد وإنهاء مأساة المواطن الاقتصادية والمعيشية والأمنية، والتخلص من الإرهاب والميليشيات المسلحة التابعة، آن الأوان بعد عشرون عام من الكارثة التوجه المخلص لإيقاف النزيف والدمار والخراب وإبعاد الفاسدين والحرامية والمافيات عن  سلطة الدولة.

عرض مقالات: