تحل يوم غد الذكرى المشؤومة لانقلاب ٨  شباط  ١٩٦٣ الأسود،  الذي اغتال ثورة الرابع عشر من  تموز ١٩٥٨، وقطع الطريق على عملية التطور والبناء والعمران والتقدم التي اطلقتها الثورة في شتى الميادين، وادخل بلادنا من شمالها الى جنوبها في سجن رهيب،  مارس فيه الانقلابيون شتى أنواع القتل والتعذيب والاعدام، وهتك الاعراض وامتهان كرامة الانسان . 

لقد فتح الانقلاب الفاشي الذي قامت به وخططت له القوى المتضررة من قيام الثورة المجيدة  واجراءاتها التقدمية، وبدعم عربي وإقليمي ودولي، فتح الطريق على مصراعيه لاوضاع عدم الاستقرار والاضطراب والحروب الداخلية والخارجية، ولمسلسل الانقلابات العسكرية، حتى اكتملت صورة الارتداد بقيام الدكتاتورية الشوفينية، وما جلبته من كوارث ومآسي لبلدنا وشعبنا، اللذين ما زالا يعانيان من تركتها الثقيلة، وما ارتكبت من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، طالت العراقيين جميعا على اختلاف قومياتهم واديانهم وطوائفهم .

في صبيحة ٨  شباط  والأيام التي تلته، وما رسمه البيان رقم ١٣ الذي لا مثيل له الا عند الفاشيين والنازيين وامثالهم ، امتدت يد القتلة المجرمين الى الآلاف من خيرة بنات وأبناء شعبنا، من الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين، وفي صدارتهم الرفيق الشهيد  سلام عادل، والصفوف الطويلة من قادة الحزب وكوادره واعضائه  وانصاره ، اضافة الى قادة الثورة المغدورة من العسكريين والمدنيين، وعلى رأسهم الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم.   

ونحن إذ نستعيد اليوم هذه الذكرى المؤلمة، ونتوقف عند تضحيات الشهداء، ونفتخر ونعتز بالمقاومين الابطال، وتفاني عوائل المناضلين ومعاناتهم، حريّ بنا ان نستعيد الدروس الغنية لما رافقها من احداث، وان يستلهمها  جميع من يريدون الخير للوطن والرقي والتقدم لشعبه. 

وتؤكد تجربة بلادنا ان راية معاداة الشيوعية والمناضلين من اجل قيم الخير والسلام والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية، لا تجلب الا الخزي والعار لحملتها ومن يقف وراءهم ويساندهم ويدعمهم. وانهم بفعلهم هذا، وشاؤوا ام أبوا، انما يلحقون الضرر الفادح  بمصالح البلد وشعبه، ويجعلونهما عرضة للهزات وللنكوص والتراجع ، ولضياع فرص البناء والنمو  وفرص تمتع الانسان العراقي  بخيرات بلاده وبالحياة الحرة الكريمة .

والتجربة تقول أيضا بأهمية وضرورة الديمقراطية، نهجا وحكما واسلوبا وممارسة، بلا انتقاص وتشويه وقضم ومصادرة، تحت أي عنوان، وان من شأن الاخلال بذلك ان يتسبب في انتهاك حريات الانسان وحقوقه، وضياع أسس البناء السليم للدولة المدنية المعاصرة، دولة المواطنة والقانون والمؤسسات . 

كذلك تؤكد التجربة والدروس المستخلصة من مسيرة بلادنا، مجددا، أهمية وضرورة منع  أيّ مظهر من مظاهر العنف وفوضى السلاح واللجوء الى القوة والاكراه، تحت أي مسمى كان، ورفض اي وجود ميليشياوي ومسلح خارج اطر الدولة ومؤسساتها الدستورية، وان يكون ذلك من ثوابت العمل السياسي العراقي، مثل تحريم الاستعانة بقوى خارجية وتنفيذ مشاريعها واجنداتها.    

اننا اذ نستذكر باستنكار جريمة 8 شباط 1963 النكراء ، ونحيي باعتزاز كبير تضحيات الشهداء ومآثر المقاومين، ونتضامن مع عوائلهم الكريمة ونطالب بانصافها، نجدد العزم على مواصلة العمل والعطاء، والسير على خطاهم نحو حرية الوطن وسعادة الشعب .

عرض مقالات: