بشكل عام، فشل قطاع التعليم العالي في العراق في تزويد الخريجين بالمهارات الضرورية والمطلوبة في قطاع العمل.  لا يبدو ان لهذه المشكلة اي تأثير على سياسات التعليم العالي حيث تستمر الجامعات بانتاج  بضائع لا يحتاجها سوق العمل.

حسبَ إحصائياتِ الأمم المتحدة في سنة 2019 وحدها كان هنالك نحو 50 ألف خريج، وتم تعيين نحو ألفين فقط من هذا العدد. اما احصائيات وزارة العمل الاجتماعية لعام 2020 فتشير الى بلوغ عدد العاطلين عن العمل في العراق نحو 1.6 مليون، بفئات مختلفة، بينهم 10 آلاف من حملة الشهادات العليا.

كثير من الوظائف التي لم تكن تتطلب درجات جامعية في السابق ولكنها تتطلب ذلك الآن بسبب كثرة الخريجين وقلة الوظائف، وتعمل هذه المتطلبات على زيادة الطلب على التعليم العالي والشهادات العليا ولكن الجامعات لا تفعل شيئا لمعالجة مشكلة تزويد الخريجين بمجموعات المهارات المناسبة.

هناك ست ركائز رئيسية تقوم عليها المشاكل الحالية لقطاع التعليم العالي:

- ضعف التعليم: مؤسسات التعليم العالي في العراق لا تشجع التفكير النقدي وتستخدم بشكل أساسي التعلم عن ظهر قلب الذي يشجع السلبية. وبالتالي، لا يحصل الخريج على المهارات التي يحتاجها.

- مخرجات بحثية منخفضة النوعية: لا توجد منح بحثية من الأموال العامة ولذلك يلجأ الطالب الى الابحاث السطحية والى الانتحال وسرقة النتائج. يعد إنتاج العراق البحثي وجودته أقل بكثير من مثيلاته  في دول المنطقة كالسعودية ومصر وايران والاردن ولبنان ويعتمد على انتاج طلبة الدراسات العليا، على الرغم من وجود عدد كبير من حملة الدكتوراه والبروفسورية.

- المحاصصة في التعيين للوظائف القيادية: عملية تعيين القيادات في جميع الجامعات ومركز الوزارة تسند على ترشيحات الاحزاب، ودعمهم، وغالبا ما تكون منحازة لسبب أو آخر، بحيث يصبح تعيين شخص كفء حدثا ذا احتمالية منخفضة. اما في الكليات الاهلية فهي بيد المستثمر والجهة السياسية التي تدعمه.

 - القبول غير العادل في التعليم العالي: يعتمد القبول على معدل الدرجات في امتحان البكلوريا وهو لا يعتبر امتحانا مثاليا باية صورة من الصور لانه منحاز الى مكافئة الحفاضين والغشاشين. هناك تفاوتات محبطة في سياسة القبول بالتعليم العالي والدراسات العليا منها القنوات الكثيرة للقبول، وفي كثرة اصحاب المعدلات العالية والدرجات الكاملة.

- الشهادات المزورة: يحمل الكثير من المسؤولين، وزراء ونواب وأصحاب درجات خاصة، واساتذة جامعات وموظفين في الدولة شهادات مزورة صادرة من جامعات معروفة أو غير معروفة وأن هؤلاء يتنعمون بامتيازات الشهادة. والغريب أن أحدا من المسؤولين لم يُحاسب على تزويره وتحايله على القانون.

- انحسار مجانية التعليم: لا توجد منح دراسية معيشية لمساعدة الطلاب من خلفيات فقيرة على الوصول إلى التعليم العالي. ونسبة كبيرة من الطلبة في الجامعات الحكومية يدفعون اجور (التعليم الموازي والتعليم المسائي والنقة الخاصة). ويمثل طلبة الكليات والجامعات الاهلية التي تعاني من ضعف مزمن في جودة التعليم نسبة عالية من مجموع طلبة التعليم العالي.

عرض مقالات: