في نصه المسرحي "أنوسيميليا – الحلم" ومن ضمن ما قدمه كريدو موتوا في هذا النص من تصورات وأفكار وعوالم لتضمين قدرات الإنسان الأفريقي قضاياه ضمن عالمه القديم والمتجدد عبر هذا النص الذي يفيض بحكايا الموروث القبلي والأسطوري من خلال بنية مسرحية تعتمد على الرقص والموسيقى والإيقاع والغناء وحشد العدد الكبير من الممثلين المشتركين في هذا العمل، ولاشك أن المسرح الأفريقي يتصف بصفاته الخاصة به ومن بين تلك الصفات سمته التحريضية وشيوع الشفاهية والسردية واستخدام الحبكة والحكاية وتتداخل في ذلك كله مشكلات المواطن الأفريقي السياسية والإجتماعية والإقتصادية والأخلاقية.
يركز العمل المسرحي لــ موتوا على رفض فكرة حصر الحكايا والأساطير الأفريقية في جانب الحياة اليومية فقط بل يرى أن تتعداها الى الحياة الروحية الرفيعة والأساطير التي تضاهي بدلالاتها أساطير الشعوب الأخرى. أي البحث عن الملامح الحقيقية والعميقة للشعب الأفريقي ومرتكزاته التي تعبر عن طموحاته وآماله،لقد أشار كريدو موتوا الى هذه الإشكالية أو بالأحرى هذا التطلع وعلى لسان الراوي في النص “لم يكتف الإنسان بالسؤال عن أصله الغامض، لكنه شرع يسأل عن نهايته الأكثر غموضاً "لذلك وظف موتوا العديد من الأساطير الأفريقية توظيفا يخدم العلاقة العضوية ما بين طبيعة الخلق ومهمة الإنسان ضمن هذه الطبيعة “لأن الآلهة ستأمر بأن الوقت قد حان، للإنسان ليمتلك الأرضَ ثانية"، وضمن تصاعد اللحظة التي ستأزف تتصاعد الأغاني ويتصاعد الرقص وتتصاعد الإيقاعات مع سير من التداخل الأسطوري الذي جمع بين الحكايا الغريبة والحكايا المسلية، وهنا يكون الراوي ضمن جوقة الراقصين والممثلين لكي تضاء الحكاية بفعل حركي وصوتي مشترك استعدادا لإنتقالية جديدة تتضح بها الشخصيات الأكثر أهمية ضمن العرض المسرحي بدءا من أنوسيميليا ابنة أميرة النجوم، حيث سعى المؤلف عبر ذلك لربط تاريخ الأمة الأفريقية بإصالة هذه الأمة وإن خسرانها لمجدها كان بسبب تخلي هذه الشعوب عن حضارة الأجداد، وفي هذا السياق لا بد ان يكون لــ لأنوسيميليا دور مكتمل فجعل لها موتوا وظيفة المنقذ للشعب الأموزي حين تعود من منفاها لإخراج هذا الشعب من الظلمات الى النور، تتصاعد بعد ذلك ضمن النص المسرحي المساحة الشعرية، سواء تلك التي يرددها الراوي أو تلك التي يرددها جوق الممثلين بفعل الشطحات الأسطورية أو ضمن الحرب التي نشبت بين شعبي "الأغاشي والأماديفو"، وضمن هذه الحرب يحرك موتوا العديد من موجوداته في نصه ويحسن استخدامها بما ينسجم مع الغرض الرمزي والأسطوري بحيث تتداخل هذ الموجودات مع المسحة الجمالية للوقائع بوجود فيض من اللحنية الشعرية.
وهنا نجد أن للمفردة المستخدمة طعمها الطقسي الخاص بها والمعبر عن طبيعة الصراع ومخرجاته حين "تختفي الفتيات من الغابة، تتلاشى البيوت في الهواء، تختفي النعاج، الخراف، الدجاج ...".
يعود موتوا لإظهار بطل جديد على خشبة المسرح ليلعن البطل أمام قومه:
إن الرجل الذي يحارب بدون تفكير، ما هو إلا أحمق..
أيها الرجال
إنتظروا وغنوا
وفي انتقالة أخرى ما بين المنفى والعودة الى الوطن أغنية:
رمتني أمهاتي
وأبي
ضائعة في هذا الكون
فريسة
لنزوات أسلافي.
وأغنية:
مشردة
نائمة في بيوت الغرباء
الآن وقد أفلت الشمس
أين ستنامين
يا سيدة الجرود.
وهكذا يستمر موتوا مع الأساطير ويستمر بتطويعها كي لا تقف تلك الشعوب ساكنة صامتة أمام مخلفاتها الفكرية وبدايات ثقافاتها وبيئتها البداية وهي تحفل بالموجودات والطاقات التي تستطع من خلالها أن تحقق وجودها في الحياة الحديثة وهو الذي يقول: "لا ضير من أن أسمى كبير سحرة قبائل الزولو مقابل إعتقادي بما أعتقد".

عرض مقالات: