الخطوات الأولى وبدايات المسرح العراقي الحديث، لم تكن سهلة كما يعتقد البعض، كما أنه لم يأت من فراغ، بل الشواهد تشير الى ان بلاد الرافدين ومن عاش فيها من القدماء وقبل الميلاد، مارسوا أشكالاً بدائية للمسرح، أو ذات طابع مسرحي، فالآثار في بابل والوركاء وغيرها من الأماكن الأثرية تشير الى ممارسة المسرح على أشكال محتلفة منها الطقوس التي كانت تمارس من قبل الأقوام التي عاشت هنا، وقد كان هنالك النص وربما كان دينيا فقط، وكان هنالك المؤدون وهو ما يقابل الممثلين في العصر الحديث، وكان هنالك الجمهور المتفرج، فمطالعة بسيطة للطقوس الدينية والملاحم والأساطير التي كانت تمارس تعكس لنا شواهد واضحة لبدايات مسرح بمفهومه المعاصر.
وفي المراحل التأريخية التالية، وخاصة في العصرالعباسي، فقد شهدت أعيادا واحتفالات وطقوسا وغيرها، لم يخل أي منها من مظاهر تمثيلية. كالملاحم والحكايات والأسواق الأدبية و"السماجات" و"خيال الظل" و"القصخون" اضافة الى المراثي وطقوس الأديان التي تعايشت في بلاد ما بين النهرين.
في العراق الحديث تشير البحوث الى ان نهاية القرن التاسع عشر شهد نشاطاً مسرحيا، رغم وجود العراق ضمن حدود الدولة العثمانية، وبفعل مؤثرات خارجية جاء بها رجال عراقيون عاشوا في فرنسا وتركيا والشام واطلعوا على ما في هذه البلدان من عروض مسرحية، ففي مدينة الموصل قام الخوري هرمز نورسو الكلداني بكتابة مسرحية تاريخية عن "نبوخذ نصر" وقدمت سنة 1888م، على مسرح المدرسة الأكليركية في الموصل، علما ان هنالك العديد من التمثيليات الدينية كانت تقدم في الموصل منها "كوميديا آدم وحواء"، و "يوسف الحسن"، و"كوميديا طربيا" وهي من أعمال الشماس حنا حبش وتعود لسنة 1880م، وكذلك تم طبع اول كتاب مسرحي سنة 1893م وهو عبارة عن مسرحية "لطيف وخوشابا"، حيث قام نعوم فتح الله سحار بترجمة النص من اللغة الفرنسية مع إسقاط أجوائها على الواقع العراقي وبالهجة الدارجة آنذاك، كما قام نفسه بترجمة "الأمير الأسير" عن الفرنسية أيضا وتم عرضها سنة 1895م.
كما قدمت عدة عروض في بغداد منها عرض مسرحية "جان دارك" سنة 1898م لكنها قدمت باللغة الفرنسية، وكان عرض شاعري بخمسة فصول، قام بالتمثيل كل من "فضولي جاني توتونجي، البير أصغر، جبرائيل مارين، سركيس بنزين، توفيق توما، قسطنطين داود"، وتخلل العرض عزف موسيقي على العود والقانون.
لقد اعتمد المسرح العراقي في بداية نشأته على مايقدم من نشاط فني في المدارس، وكان سكان بغداد يرتادون المقاهي لمشاهدة "القصخون" حيث كان يتواجد بعض المطربين من قراء المقام امثال "رشيد القندرجي"، وكان "مقهى سبع" في بغداد مخصص لعرض فصل من "القرقوز" حيث يقدم من قبل اشخاص ماهرين .
ومن أهم الفنانين الذين وقفوا على خشبة المسرح الوطني الممثل سامي عبد الحميد والفنانة ناهدة الرماح والفنانون حقي الشبلي ويوسف العاني وطه سالم ووداد سالم وخليل شوقي وزينب وإبراهيم جلال وبدري حسون، وغيرهم من رواد المسرح العراقي صاحب التاريخ العريق.

عرض مقالات: