بمتابعتي لما يتم التغريد به من قبل بعض الصديقات والأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي ، حول عدم جدوى المشاركة في الانتخابات القادمة ، التي من المؤمل أن تجري في 12/5/2018 م . بدعوى عدم الجدوى من ذلك لأن الأمريكان والإيرانيين وغيرهم من اللاعبين على الساحة العراقية، قد اتفقوا على الإبقاء على الحرس القديم من الفاسدين والطائفيين والعنصريين ، من أباطرة الإسلام السياسي المتربع على دست الحكم منذ اثنتا عشرة سنة خلت ، لذلك إن ذَهَبَتْ الناس الى الانتخابات أو لم تذهب فالنتيجة واحدة !؟ .. حسب ما يعتقد هؤلاء !!.. مع كل تقديري لرؤيتهم هذه التي تدفع على الهروب الى الامام ، وتسويق ثقافة الخنوع وفقدان الأمل واستحالة التغيير، متناسين بأن عملية التغيير والبناء الاجتماعي ، يصنعها الناس بإرادتهم وعزيمتهم دون غيرهم ، فالناس هم صانعي الخيرات المادية وهم أحق الناس بالتمتع بتلك الخيرات.

نقول لهؤلاء الأُخوة والأخوات ، بأن ما ذهبتم إليه غير دقيق ويخالف قوانين التطور الاجتماعي وللبناء والتغيير وخلق الجديد !..

الناس .. المجتمع .. هم صانعو كل شيء على هذه الأرض ، وبيدهم مقاليد كل جديد ومفيد ، وكل ما يعود عليهم بالخير العميم ، وتسفيه عقول الناس والاستخفاف بقدراتهم وبإرادتهم الجبارة في التغيير، لا يخدم أحد ولا يساعد على المساهمة الفعالة في رفع وعي الناس وتعريفهم وارشادهم الى ما عليهم من واجبات للنهوض بها ، وتحمل تلك المسؤولية التاريخية في عملية التطور والتغيير والبناء .

يجب توعية الناس ودفعهم الى الذهاب الى الانتخابات !.. كونه حقا وواجبا لكل من بلغ الثامنة عشر من العمر ومن كلا الجنسين ، وتخلفهم يعني الإبقاء على القديم والذي سيستحيل تحقيق مطامح واهداف هذه الملايين التي سحقها الجوع والحرمان والظلم ، الذين صودرت حقوقهم وحرياتهم من قبل مُسْتَغْليهم وَمُضْطَهديهم من السارقين والفاسدين .

الذهاب وانتخاب الاصلح والأكفأ والنزيه، الوطني الغيور هو المُخَلِصُ الوحيد، بانتخاب الذين يحبون وطنهم وشعبهم ، ويسعون لبناء نظام العدل والمساواة ، والدولة المدنية الديمقراطية العادلة ، دولة المواطنة وقبول الاخر، التي تفصل بين الدين والسياسة ( ما لله الى الله .. وما لقيصر الى قيصر ) وعدم فرض رؤية الدين وفلسفته ومفاهيمه على الاخرين ، ولحماية الدين وقدسيته وفلسفته ، بعيدا عن بناء الدولة وفلسفتها ، باعتبار الدين هو خيار بين الفرد وخالقه ، والدولة تمثل إرادة الناس جميعهم بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية والمنطقة والحزب .

ذلك هو الحل لمشاكل البلاد والعباد، وفي سبيل الخروج من مستنقع الطائفية السياسية ومن المحاصصة ومن إقحام الدولة في متاهات الرؤيا الضيقة للإسلام السياسي الذي ألحق أفدح الأضرار في بناء الدولة والمجتمع على حد سواء .

عدم الذهاب الى الانتخابات معناه بقاء الفاسدين والطائفيين والعنصريين في مواقعهم ، ويبقون جاثمين على رقابكم ويتحكمون بمصائركم .

يبقى الخيار مرهون بموقف الناس وخياراتهم، فهم من سيحدد مصير البلاد للسنوات الأربعة القادمة !.. انتخابهم الأصلح هو الحل لكل أزمات البلاد والناس . دون ذلك .. سيواجه الجميع وعلى وجه الخصوص الناس الفقراء والعاطلين والأرامل والثكالى وأصحابي الاحتياجات الخاصة ومن ذوي الدخل المحدود وفقراء الريف، هؤلاء جميعا سيواجهون مصيرا مجهول وحياة أكثر بؤس وشقاء .

عندها على الناس أن لا تعض على اصابعها بعد الانتخابات ، فالذنب ذنبهم وهم من اختار عدم الذهاب لاختيارهم للأصلح ، ولم تصوتوا لمن يحرص على مصالحكم ويدافع عنكم ويسعى لتوفير العيش الكريم والرفاهية وتحقيق الأمن وتثبيت دعائمه في كل مناطق العراق ، وبث روح التعايش والمحبة والتعاون بين مختلف مكونات شعبنا المتأخية عبر العصور والازمان .

وعلى الجميع ان تدرك شيئا واحدا دون غيره !.. 
ثقوا بهذه الحقيقة دون غيرها !.. سوف لن تأتي قوة لا من على وجه الأرض !!.. ولا من أعالي السماء !!.. لتحريركم من عبوديتكم التي أنتم تعيشوها منذ زمن، ولا من أحد سوف يخلصكم من الظلم والحيف الواقع عليكم منذ عقود، أنتم وحدكم دون غيركم يمتلك مفاتيح الأبواب المغلقة بوجوهكم !؟..

وما عليكم إلا أن تتعاملوا مع الواقع المعاش بروح الفريق الواحد، وتحققوا ارادكم وَتُثَبٍتوا أقدامكم على الحق والصبر والجلد، وتتقدموا بعزيمة قوية لتحققوا النصر المؤزر على من سرقكم، ومن كان سبب في كل هذا الاضطهاد والتجويع.

بوحدة نضالكم وعزيمتكم ستكنسون هؤلاء الرعاع والفاسدين والعملاء للأجنبي، الذين فرطوا بحقوقكم وصادروا حرياتكم وعرضوا حياة الملايين منكم الى الموت والجوع والمرض والجهل .

الذين نشروا ثقافة التجهيل والكراهية والعنصرية في هذا البلد العظيم ، بأهله وبتأريخه وثرواته ، الذين سرقوا أموالكم وانتهكوا الحرمات وباعوا العراق ببخس من الدراهم .

هذا كله وغيره ناتج عن عدم تصديكم الحازم والشجاع لسياساتهم الهوجاء والغبية ، فَأَفْرغوا جيوبكم وخزائنكم من كل ما تملكون !.. وحولوها الى أرصدة ورؤوس اموال ثابتة ومشاريع تدر عليهم المليارات من الدولارات، فسرقوا تعبكم وعرقكم وجهدكم ، وجوعوا عوائلكم واطفالكم وحرموهم من كل شيء جميل .
وعلى حساب الألاف من بنات وأبناء شعبنا هُدِرَتْ هذه الدماء الزكية الطاهرة ، والتي تسيل منذ 2003 م وما زالت ، ولا يوجد ما يشير الى توقف هذا الشلال المرعب ، ولا أضنه سيتوقف من دون أن تضعوا أنتم أيها الفقراء والبؤساء والمعدمين حدا لكل هذه المأساة .

التوجه الى صناديق الاقتراع بأنفسكم، ولا تسمحوا للفاسدين بأن يسرقوا أصواتكم من خلال وعود كاذبة ومظللة وَهِبات لا تغني من جوع ولا تكسي عريان ، بل هي سالبة لحقكم في الاختيار الحر والنزيه ، ومن دون إملاء وإرغام وتعنيف .

فقد خبرتموهم لثلاث دورات انتخابية ولم يقدموا لكم أي شيء سوى الموت والخراب والدمار والجوع ، فلا تصدقوا وعودهم اليوم ، ولا تخرجوا من حفرة !.. لتسقطوا في بئر سحيق .

انتخبوا من يسهر على مصالحكم، ويدافع عن كرامتكم وحياتكم وعن حقوقكم، ويحقق لكم الأمن الذي تفتقدوه منذ سنوات، انتخبوا من يحرص على سلامتكم وتحقيق عيشكم الرغيد.

تقدموا بجموع قوية، وحطموا القيود والسدود والمتاريس التي تحجب رؤيتكم ، لحقيقة ما تتعرضون اليه من مهانات وتشريد وتجويع وبؤس وهوان، وهذا هو سلب لإنسانيتكم وحقكم في الحياة الحرة الكريمة .