الطريق اليك يا سيدتي، سيدة الخصب والخضرة، كان مليئا بالأثارة، محفوفا بالمخاطر حينا، بالفرح حينا آخر، لكنه واعد، دائما، بالأكتشاف..

رفاق، قادة ومنظمون اكراد (كاكه فلاح، مسؤول لجنة مدينة الكاظمية)، رفاق في المعتقلات (عز الدين ملا رسول في معتقل معسكر الرشيد عام 1953 الذي التحق به باسم، بهاء الدين نوري ورفاق واصدقاء اكراد آخرون.

 سجن بعقوبة عام 1954، كان مدرسة اممية بحق، شيوعيون واصدقاء للحزب وديمقراطيون، عرب، كورد، ارمن، آشوريون، كلدان، صابئة، عمال، فلاحون، حرفيون، كسبة، طلاب، معلمون، أساتذة كليات، الخ... من كل انحاء العراق، طولا وعرضا.

سيقدر لك، هناك، ان تتعلم بعض الكلمات الكردية) تعلمت ان اسمك، ابراهيم، يختصر بالكردية الى بله+بلاء!) بعض الدبكات الكردية (السوارني والبهدناني والآشوري ايضا (بشيني شيني شيني، بشيني شين ملاله! إذا لم تخني الذاكرة). وسيقدر لك ان تسمع، في كل احتفال،" الشاعر" عثمان دانش بعيد قراءة قصيدته اليتيمة (مرحبا مرحبا... مرحبا كرملين) فلا تتمالك وغيرك من الأبتسام، ولن يكتمل الأحتفال الفولكلوري، بدون الفلاح الكردي، السجين بسبب مقاومته لمظالم اقطاع اسرة شمدين اغا، فيهز جنبات السجن صوته القوي، يحكي ب " اللأووك" ملاحم الأبطال الذين قاوموا الظلم والأضطهاد.

سيقدر لك ان تصل حبيبتك، أكثر من مرة، متسللا، متخفيا، مرة رفقة الصديق ابراهيم ججو الذي كان أرسل في طلبه، كما روى، ملا مصطفى البارزاني، باعتباره مترجما لا يبارى من الأنكليزية واليها.

وكان على الفلاحين الكرد ان يوفروا لنا الطعام والمأوى، والبغال، وان تنوء ظهورهم بحمل حقائب ابراهيم، وهم يركضون، احيانا.

ومرة اخرى وانت تشارك الراحل صالح دكله نقل شحنة سلاح، لعلها كانت الأولى، الى الأنصار الشيوعيين في كردستان. يتولى المناضلون والفلاحون الأكراد، قوميون وشيوعيون، في القرى المتناثرة على الطريق، تسهيل مهمتكم. يكون الرفيق بهاء الدين نوري، استكشف الطريق، ويستلمها الفلاحون، في المحطة الاخيرة.  

لكم كنتِ، يا سيدة الخضرة، وفية، ابيه، باسلة، مضيافة، وانت تقاسمين ابناءك ورفاقك الشيوعيين، عربا وكردا ومن القوميات الأخرى، الخبز والأوشاري او العدس، والمأوى.  

كنت عرفتِ، وجربتِ، كيف حول الشيوعيون والديمقراطيون العراقيون قضيتك الى قضيتهم، من تمرد قطاع طرق، كما كان الحكام المتعاقبون يصورونها، الى قضية عادلة، الى قضية وطنية، وكيف حشدوا ا كل قواهم وقوى اصدقائهم في العالم، تضامنا معك.

وما كنوا، بذلك، يمنون عليك، بل كانوا امناء لتقاليدهم لأممية، ولتقاليد الكفاح المشترك التي ارساها الرفيق الخالد فهد، من اجل الديمقراطية والحقوق القومية العادلة للشعب الكردي.

ولقد كان يمكن تجنب الكثير من المآسي لو جرى، التمسك بهذه التقاليد، بدل التحالف مع قوى لا تؤمن، في الجوهر، بالحقوق القومية للشعب الكردي، بدل المتاجرة بها في سوق النخاسة الإقليمية والدولية.

يتطلب الأمر من القوى الديمقراطية والحركة التحررية الكردية، ان تدرس تجارب التحالفات الماضية، وان تشخص من هم اصدقاؤها واعداؤها، وان تعيد الأعتبار للأخوة العربية- الكردية، لتحالف القوى اليسارية والديمقراطية والحركة التحررية الكردية.

هذا هو التحالف الستراتيجي الذي يمكن ان يعدل، حقا، ميزان القوى لصالح الحركة الديمقراطية والحركة التحررية الكردية. ويمكن ان يكسب الطرفين القوة في سعيهما من اجل ارساء اي تحالف آخر.

لن يتحقق هذا التحالف بين عشية وضحاها، وتكتنف الطريق اليه الكثير من العقبات، لكن لا بد من العمل، منذ الآن، لتحقيقه، على كل المستويات، بدئا من منظمات المجتمع المدني، ما يمهد، ويرسي الأسس، لأشكال اخرى، اعلى، من التحالفات.

عرض مقالات: