متى بدأ ذلك؟ اعني، ياسيدة الخضرة المتألقة، اليانعة، لقائي بك، ثم تعرفي عليك، لقاء اثر لقاء، مو عد اثر موعد؟

هل ما مازلت تتذكرين؟

من اين لك ان تتذكري ذلك الصبي الشقي، الذي كان بدأ يلثغ حروفه الشيوعية الأولى، مع نهاية عام 1951، ثم اطلالة عام 1952؟

لكنه ما يزال يتذكر ذلك التاريخ المجيد الذي غير مجرى حياته، هو الذي كان يبحث عنه، يتشوق اليه، و ما يزال يعتز به، اعتزازه بحبه الاول.

اجل! كان ذلك عبر لقائه بالحزب، الحزب الشيوعي العراقي.

و بينما كان الحزب ياخذ بيده الى ازقة الكادحين وورش عملهم، كان يعقد له مواعيده الأولى معك.

اخذ يقرأ، و هو يستلم با صابع مرتجفة، لكن المتلهفة، تلك  الأوراق و الكراريس السمر، عنك.

و عبر بيانات الحزب اخذ يتعرف ليس على نضالات فلاحيك و كادحيك الشجعان: انتفاضة فلاحي دزه يي" بل على جغرافيتك، اسماء  نواحيك و مدنك، اربيل، السليمانية، كركوك و اضرابات عمال النفط، الى غير ذلك من تضاريسك و قمم جبالك، كمن يكتشف تضاريس جسد حبيبة جديدة .

و كما تعرف على اسماء عربية شامخة في النضال ضد الأحتلال البريطاني، الشيخ ضاري:" هز لندن ضاري و بجاها"، و شعلان ابو الجون" اكلنلح يا جامعة الحسن عيناج- فن كوكس و ديلي بعسكره يدناج"، تعرف على اسماء كردية لا تقل بريقا، ثورة الشيخ محمود الحفيد( ملك كردستان- احتفظ بصورة مهيبة له من ارشيف المصور ارشاك) و القائد الكردي التاريخي الراحل مصطفى البارزاني و مسيرته الأسطورية من مهاباد الى واحدة من جمهوريات الأتحاد السوفييتي.

و بغض النظر عن النهايات الفاجعة لتلك الثورات و الأنتفاضات، فانها تظل صفحات مشرقة في التاريخ.

و لعل الصبي الشيوعي الشقي ما يزال يتذكر لقاءاته الأولى مع مناضلين شيوعيين اكراد صيف عام 1952 في مقهى على حافة الجسر الحديدي من جهة الرصافة، بينهم الشيوعي الكردي المسلول، جمال، الخارج من السجن توا، الذي لم يكن يبخل على لقاءات حلقة الرواد – الفتيان، بالأوراق السمر، و هم الذين كانوا يضعون خطواتهم الأولى على طريق الشيوعية، و في عدادهم القاص الكردي الواعد... بابان( نسيت اسمه الأول،علمت انه سافر فيما بعد الى المانيا، لعل الصديق محمد كامل عارف، مد الله في عمره،  كان من اعضاء الحلقة، ما يزال يتذكر اسمه)

يتذكر الصبي الشقي ذلك، و هو يسرح البصر في خضرتك اليانعة، الممرعة، تسرحينها استعدادا لعرسك الازلي، المتجدد ابدا:

امروجي...سالي تازه يي امروج ها تواه

سالي تازه يي امروج هاه تواه

 

السليمانية – العراق

18   3   2018

عرض مقالات: