رشيد غويلب
أطلق الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني السبت، استفتاءً حزبيا عاما للتصويت، على الموافقة من عدمها على اتفاقية التحالف الحكومي، الذي سيكون الحزب فيه مجددا الشريك الصغير، والذي سيتيح للمستشارة ميركل، وزعيمة اليمين المحافظ بدء ولاية رابعة . وقد جرت مفاوضات التحالف الحكومي، في وقت تستمر فيه شعبية الديمقراطيين الاجتماعيين بالتدهور السريع، وسط خلافات حادة في قيادة الحزب، وتمرد واضح من اتحاد شبيبته.

وفي حال تمخض الاستفتاء، الذي ستعلن نتائجه النهائية في 4 اذار المقبل، عن فشل تشكيل ائتلاف حاكم، سيكون البديل الأكثر رجاحة، إجراء انتخابات مبكرة، وسيكون المستفيد الأول منها حزب "البديل من اجل ألمانيا" اليميني المتطرف، مع احتمال تعرض الديمقراطيين الاجتماعيين الى هزيمة جديدة. ولهذا يوظف زعماء الحزب هذه الورقة لتمرير مشاركتهم في الحكومة المقبلة. في حين يرى كيفين كونرت زعيم اتحاد شبيبة الحزب: "إذا كنا نخاف من انتخابات جديدة ففي وسعنا العودة إلى منازلنا".
و يقول بيرند ريسرنغر الرئيس المشارك لحزب اليسار الالماني: "إن الحزب الديمقراطي الاجتماعي يقف بين الطاعون والكوليرا، وهو في حالة هروب إلى الأمام، ولقد وضعوا انفسهم في هذا الموقف، فبدون تبني سياسة بديلة، فان المراهنة على أهون الشرّين ستوقعك في كبيرها".
وهناك تفهم واسع في صفوف قوى اليسار لمواقف معسكر الرفض داخل الديمقراطيين الاجتماعيين، لان معاهدة التحالف الحاكم المرتقب تعاني من فراغات ومواقع ضعف عديدة، ولا تعالج النتائج الكارثية لسياسات الليبرالية الجديدة التي بدأها المستشار الديمقراطي الاجتماعي غيهرد شرودر قبل 20 عاما
ولعل الخطيئة الكبرى تنعكس في تراجع الحزب حتى عن برنامجه الانتخابي الاخير، فيما يتعلق بالسياسات المتعلقة بسوق العمل، فوثيقة التحالف الحاكم لا تتضمن موقفا بشأن مكاتب اعارة العمال سيئة الصيت، ولا بشان الاعمال المؤقتة، وهناك تجاهل تام للضمانات السابقة المتعلقة بعقود العمل في المصانع، وليس هناك رفع للحد الأدنى للأجور.
ويرى الباحث في قضايا الفقر "كريستوف بوتيرويغو" إن ما ورد في معاهدة التحالف بشأن السياسة الاجتماعية يعمق الانقسام الاجتماعي، فقد تنازل الديمقراطيون الاجتماعيون عن المطالبة بفرض ضريبة على الثروة. وهذا يعني وجود نقص في الأموال المخصصة لمكافحة الفقر. وفيما يخص جمع شمل العوائل اللاجئة إلى المانيا، تبنى الديمقراطيون الاجتماعيون، موقف الحزب الاجتماعي المسيحي الحاكم في ولاية بافاريا، الجناح الأكثر رجعية في الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم.
واشار استطلاع للرأي نظم لصالح القناة الأولى في التلفزيون الالماني، انه في حال اجراء انتخابات مبكرة فان الحزب الديمقراطي الاجتماعي سيحصل على 16 في المائة، وهي اقل من ثاني اسوأ نتيجة في تاريخه، حصل عليها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 24 ايلول 2017 ، والتي حصل الحزب فيها على 20,5 في المائة فقط. وبهذا فسيتقدم الحزب بنسبة 1 في المائة فقط على اليمين المتطرف.

اعتراف زعيمة الحزب المرتقبة

وأقرت اندريا نالس صاحبة الحظ الأوفر في الفوز بزعامة الحزب، في حديث لمجلة "دير شبيغل" الالمانية ، "من المؤكد أننا ارتكبنا جميعا أخطاء في الأشهر الأخيرة أدت إلى انتقادات من القاعدة (...) لقد رددنا على هذه الانتقادات".
ويفترض ان تنجح نالس في تهدئة اجواء الحزب المضطربة بعد عمليات تصفية الحسابات بين عدد من القادة الكبار أدت الثلاثاء الفائت إلى استقالة رئيس الحزب مارتن شولز من منصبه، الذي تقلده في بداية 2017 . وكان شولز قد اقترب من ميركل في استطلاعات الرأي في نيسان ، ولكنه عاد وقاد حزبه إلى هزيمة تاريخية في انتخابات ايلول الفائت التشريعية.
وكان الديمقراطيون الاجتماعيون قد اعلنوا بعد اعلان نتائج الانتخابات مباشرة بانهم سيقودون المعارضة البرلمانية، ولم يعودوا الى التحالف مع اليمين المحافظ مجددا، في محاولة منهم لاستعادة ثقة الناخبين، وللحفاظ على صورة يسارية مستلة من الماضي مازال الحزب يدعيها، خصوصا عندما يكون خارج التحالفات الحاكمة.