نحتفل في شباط من كل عام بيوم الشهيد الشيوعي، اليوم الذي إعدم فيه قادة حزبنا الشيوعي العراقي الاماجد، حيث أقدم النظام الملكي الرجعي يوم 14- 15 شباط 1949 على تنفيذ حكم الإعدام بحق مؤسس وقائد الحزب الرفيق الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد)، والرفيقين البطلين زكي محمد بسيم (حازم) وحسين محمد الشبيبي (صارم)، لا لذنب ارتكبوه الا لدفاعهم عن المصالح المشروعة للشعب العراقي في السيادة الوطنية والاستقلال وتحقيق الديمقراطية، والذود عن مصالح الكادحين وحقهم في الحياة الحرة والعيش الكريم. ومن اجل هذه المبادئ السامية والنبيلة قدم الحزب المزيد من التضحيات وقوافل من الشهداء الذين نذروا أنفسهم للوطن والشعب، حيث وقف الحزب ورفاقه بكل جرأة وشجاعة واقدام ضد الحكومات الدكتاتورية والرجعية، وقفوا بوجه الانقلاب الدموي الفاشي وقطعان الحرس القومي في 8 شباط 1963 حيث ارتكب الانقلابيون القتلة ابشع الجرائم التي يندى لها جبين الانسانية بحق قادة الحزب الأبطال سلام عادل، جمال الحيدري، محمد صالح العبلي، وألوف الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين التي غصت بهم المعتقلات.
رغم الخسارات الكبيرة والمريرة التي لحقت بالحزب والشعب، وضخامة المؤمرات الداخلية والخارجية ودناءتها، لكنها لم تثن الشيوعيين عن مواصلة كفاحهم واعادة بناء تنظيماتهم وتوسيع صلاتهم بجماهير شعبهم، والوقوف ضد جميع اشكال الاستبداد والقهر والعسف ومصادرة الحياة وحرمان الشعب من لقمة عيشه. وتكاملت فصول الجريمة ضد الحزب ومناضليه حيث شن الحكم الدكتاتوري المقبور في نهاية السبعينات هجمة شرسة لا تقل عنفا ودموية عن سابقاتها.
وكما في كل مرة عاد الحزب ونهض من جديد وخاض مختلف أشكال النضال ضد دكتاتورية صدام وجرائمه وحروبه الداخلية والخارجية، وسجل أنصار الحزب البواسل في كردستان صفحات من المجد والبطولة، كما في العمل السري. وعمل الحزب بنكران ذات على تجميع قوى المعارضة وتوحيد صفوفها لتقريب ساعة الخلاص من النظام البغيض الذي جثم على صدور أبناء شعبنا بقوة الحديد والنار والبطش والقمع.
وجراء العطاء المتواصل للحزب وتضحياته الغالية وصدق مواقفه وأقرانه القول بالفعل ولاكثر من ثمان عقود، فقد ترسخت جذور الحزب عميقا في ارض وادي الرافدين، واخذ مكانه في ذاكرة وقلوب جميع الخيرين من ابناء شعبنا، وجسد صفحة ناصعة وملهمة في تاريخ العراق المعاصر، والحركة الشيوعية في الوطن العربي والعالم، وغدا مثالا يقتدى به في الشجاعة والصمود والتضحية ونكران الذات، وبالمقابل اخذ النظام الملكي والدكتاتوريات المتعاقبة مكانها الطبيعي وبجدارة في مزبلة التاريخ، وهذا هو المصير الذي يليق بالطغاة والدكتاتوريين والقتلة المجرمين.
مآثر شهداء الحزب وتضحياتهم وصمودهم الأسطوري والذود عن مبادئهم هي دروس بليغة لنا ودليل عمل لمقاومة كابوس الياس والاحباط والتردد، وتبعث فينا الهمم على مواصلة النضال رغم الصعوبات والتحديات الكثير والكبيرة، فآمل كبير يحدونا في إن حياة أفضل ممكنة.
واليوم نخوض نضالا عادلا، بإشكاله المختلفة والمتعددة والمترابطة في ظروف صعبة ومعقدة، نخوض النضال في الحراك الاحتجاجي وما يتطلبه من جهد مثابر والاصرار على الاستمرار وتوفيرالقناعات ومراكمتها بين اوساط الجماهير المتضررة للتاكيد على أهمية الحراك والمشاركة فيه من اجل الحصول على الحقوق المسلوبة والضغط على صناع القرار، وكذلك في دعم واسناد والمشاركة الفاعلة في مختلف أوجه النشاط الجماهيري والمطلبي، وكما في التوجه لخوض الانتخابات القادمة بهمة عالية ومسؤولية كبيرة من اجل تغيير موازين القوى لصالح قوى الاصلاح والتغيير، والعمل على ان تكون هذه الانتخابات فرصة اخرى لبناء علاقات مع اوساط جماهيرية مختلفة وواسعة، والتعريف بسياسة الحزب ومواقفه، ومواصلة التصدي للمتنفذين الفاسدين والمحاصصة الطائفية - الاثنية المقيته، وفضح أساليبهم في تزييف الوعي وتشويهه من خلال ترسيخ الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة. ان المتنفذين يمتلكون وسائل لا يستهان بها من نفوذ ومال وماكنة اعلامية شديدة التاثير ودعم خارجي، ويسخرون كل ذلك لاعادة انتاج احتكارهم للسلطة، ان الرد على هذا يستلزم المزيد من العمل وتوحيد الجهود واعلاء دور الحزب من جهة، ومن جهة اخرى المزيد من التعاون والتنسيق الفاعل، وفي مختلف الأُطر والمستويات مع القوى التي تتطلع الى بناء الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بديل دولة المكونات والمحاصصة.
ان عملا كبيرا ينتظرنا نحن الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين في ان يكون لتحالفنا في "سائرون" دور مؤثر في البرلمان القادم ويكون احد روافع عملنا المهمة من اجل دولة المواطنة، دولة القانون والمؤسسات واستقلالية القضاء والتصدي الفاعل للفاسدين وقوى الاٍرهاب وان ينعم شعبنا بالحرية والحياة الكريمة، وان يكون لبلدنا دور فاعل ومؤثر في تحقيق السلام والتقدم على المستوىين الاقليمي والدولي.
تحية اجلال لشهداء القوات المسلحة وسائر المقاتلين ضد الارهاب
المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي العراقي والحركة الوطنية
---------------
كلمة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، ألقاها الرفيق فاروق فياض عضو اللجنة المركزية للحزب في الحفل المركزي المقام بالمناسبة يوم امس الاول.