انطلاقاً من النقطة الرابعة التي اشارت اليها أستاذة القانون في جامعة صلاح الدين د. منى يوخنا ياقو، في ردها (انظر طريق الشعب الاثنين 11/10 الصفحة الأخيرة) على الدعوة الموجهة اليها للمشاركة في تعديل مسودة الدستور العراقي والتي جاء فيها:
"إن مجلس النواب الذي قاد أعضاؤه البلد الى هذا الوضع المأساوي، ليس جديراً بأن يتم تعديل الدستور على يد لجنة مشكلة من أعضائه.." وأضافت: "أنا كأكاديمية وعلى قدر تعلق الأمر بي، فمن المخجل أن أكون عضو (كومبارس) في لجنتكم".
نعم .. هكذا يتكلم الواثق من نفسه، والعارف في تخصصه، والمنطلق من مواقفه الوطنية، والمخلص لمهنيته.
د. منى يوخنا ياقو، تعرف جيداً، أنهم يريدون أن تكون عضوة في لجنة تتعلق قراراتها بمصير أجيال من العراقيين وإلزامهم بدستور تعده (لجنة) من البرلمانيين لا علاقة ولا خبرة لهم في كتابة الدساتير.. صحيح أن بعضهم من خريجي القانون، ولكن هذا لا يتيح لهم أن يكونوا أصحاب دراية وخبرة عالية وواسعة في رسم حاضر ومستقبل العراق والعراقيين، من خلال كتابة دستور لهم لا تخضع فصوله وفقراته لمصلحة الشعب العراقي برمته، وإنما تخضع صفحاته للمحاصصة ويلبي طموحات وآمال هذه الفئة التي أودت بالعراق الى ما آل اليه من خراب منذ عام 2003 حتى الآن.
نعم.. لن تكون د. منى../ أستاذة القانون؛ صوتاً مسموعاً ومؤثراً وفاعلاً.. وإنما ستكون مجرد ديكور او (كومبارس) – كما تقول - وشاهدة زور في كتابة دستور مصطنع وتلفيفي لا حضور لها فيه ولا فيما سيؤول اليه من (مكتسبات) لفئة دون سواها من العراقيين.
إن أستاذة القانون تعرف وتدرك جيداً، أن (صناع وحماة) الدستور الحالي، هم أول من انتهك ما ورد فيه، وأنموذج هذا الخرق يتعلق بقمع (الحريات) التي كفلها الدستور، وهم انفسهم الذين (يقتلون ويختطفون) من يطالبون بأبسط حقوقهم الإنسانية، ويحجبون عنهم وسائل الاتصال بالآخر.
د. منى يوخنا ياقو، تعرف جيداً أن من يريدون تعديل الدستور لا يفعلون ذلك استجابة لأصوات المتظاهرين، وإنما للامعان في ترميم خطوط جديدة وفقرات مضافة وأخرى ملغاة، لا هدف لها سوى انشاء دستور يلبي حاجات هذه الفئة من أعضاء البرلمان والقائمين على السلطة، تحت مسوغ أن الدستور الجديد سيلبي حاجات المجتمع. وهو في حقيقته لن يلبي هذه الحاجة ابداً، وإنما هناك نية وتوجه لإعداد دستور تتفق عليه (اللجنة) المكلفة لكي يعطي للمسؤولين أقصى ما يطمحون اليه من مكاسب على حساب حاجات وإرادة العراقيين.
ان كتابة دستور جديد، او تعديل الدستور الحالي، إجراء لا بد ان تتولاه نخبة من أصحاب الخبرات في شؤون كتابة الدساتير، وليس (دعاة) المعرفة بالقانون والسياسة الطارئين على المشهد، ذلك أن الدستور هو القيمة الحكيمة والحكيمة التي يفترض أن تكون مرجعاً لكل أصحاب الحق لكي يتبوؤوا الموقع الجدير بهم.. وليس سبيلاً من سبل دعم واقع متردٍ على المستويات كافة وعلى مدى (16) عاماً.

عرض مقالات: