عندما يمد الحانق يده ليضع قنبلة بدائية في مكان تهديه الناس الأغاني والقراءات والحوارات، فإن تلك اليد لا ترتبط قطعاً بجسد إنسان يحمل عقلاً، إلا إذا كان قد استبدله في مرحلة ما من مراحل تحوّله الى(حانق) بأي شيء مادي آخر.
القنبلة بدائية الصنع والتفكير، التي وضعها خارجون على القانون أمام مقر الحزب الشيوعي في البصرة، كانت قنبلة (منطقية) في وجه من وجوهها. لأنها تحمل بصمات لجهات لم تعد تفهم الحوار، ولم تعد تؤمن بأن الوطن للجميع، وبأن المختلف عنها ليس عدواً لها، وان الإختلاف هو أمر طبيعي، وأن الفساد سيحاربه أصحاب الفكر والقلم والحوار والاختلاف، قبل أيّ من الآخرين.
لهذا، فليس من باب الاستعجال ربط هذا الاعتداء (الذي من المنطقي صدوره عن قوى الجهل والتخلف) بقوى الفساد وحُماته في البصرة. فليس من غير هؤلاء تصدر أفعال كهذه، وليس الإرهاب إلا وجهاً من وجوه حظيرة الفساد، التي بدأ الفاسدون فيها يشعرون بالخطر بعد الاجراءآت الحكومية الأخيرة، التي تستهدف كشفهم وقلعهم وتقديمهم الى العدالة. نعم، القنبلة منطق لأن المنطق يقول أن الجريمة لا تصدر الا عن فاسد، فاسد في الضمير وفاسد اليد ايضا.
الفساد يوحي للحانق بأنه قوي، هذه واحدة من أساليبه التي يستمر بالبقاء من خلالها. ويوحي للآخرين بأنه قدر محتوم (مثل الليل والنهار)، يجب أن يمضي الى الأمام. إلا أن هذه الخدعة سرعان ما تنكشف أمام الإصرار على كشفه ومحاسبته وتقديمه الى العدالة. وعلى هذا الطريق، سنرى القوى الوطنية تقف بلا حرج داعمة كل ما من شأنه القضاء على الفاسدين، ومنها القوة الوطنية التي استهدفتها القنبلة الجبانة.
فهل عرفنا الآن لماذا ننظر الى ذلك الاعتداء على أنه (منطقي) الحدوث؟، فالجريمة لا تلجأ للحوار أبداً...انها مما يصدر عن دوائر الجريمة فقط، ولا نتوقعنَّ شيئاً آخر.

عرض مقالات: