الثورة والسلام.. أنتِ / ميس وليد

طيب لنكن واقعيين قليلا ومنصفين أيضا...

أ تحتاج المرأة حقاً يوماً خاصا بها ليكون "عيدا"؟

أ تحتاج ان تنتظر طوال العام "يوم" وحتى العام الذي يليه وهكذا... لتشعر بأنها مميزة؟

أ تحتاج الى وردات صناعية... او حتى طبيعية، اذا كان "السيد محترم كفاية" في هذا اليوم فقط؟

أ تحتاج الى الاشعار والمقالات والاعمدة التي ستكتب عنها في يوم واحد فقط؟

أ لهذه الدرجة تظنون بأن هذا امتياز وانصاف في حقها؟

حسناً... لنتخيل للحظة واحدة فقط... ما شكل الحياة بدون المرأة؟

لنتخيل بدقة اكثر... ما شكل البيت بدونها؟

وما شكل العمل... والمدرسة والجامعة والمشفى ووووو وكل الزوايا والتفاصيل... لولا حضورها؟

طيب ولنتخيل للحظة... شكل التاريخ بدون المرأة؟

وشكل الحاضر بغيابها؟ وكل المستقبل القادم؟

"هـــــــي" في كل مكان وزمان لا حد لها ولا حد لروحها النابضة

هي كيان كامل مستقل ... وكائن مبدع خلاق

"هـــي" ياسادة ويا كرام لا تتحدد بيــــوم ابداً... هي كل الايام وكل الفصول

هي الشمس والقمر والنجوم

هي نسمة ونحلة ونخلة

هي ليست سطر في كتاب ولا كلمة تصفها مهما قالوا او حتى حاولوا

هي روح وحياة نابضة بلا توقف لكل ما حولها وأبعد

هي الصوت الدافئ في قسوة الحياة

هي درع الحماية من غدر الحياة

هي شمعة ومنارة

هي ليست حاجة تصف في الركن... او مادة نتذكرها متى ما احتجنا

هي ليست للمطبخ والسرير

هي شبعاد وزنوبيا وكليوباترا

هي الام تريزا

هي زها حديد ونادية مراد

هي كل ام... كل طالبة... وكل موظفة

هي تلك التي تعمل كالنملة ليلاً ونهاراً ولا احد يدري بها

هي التي تحمل الحياة في رحمها

هي الثورة والسلام

روح لا تنضب و ينبوع حب لا ينتهي

هي... هــــــي... هي نصف الحياة...

لا بل هي كل الحياة

هي جدتي وامي واختي وصديقاتي ورفيقاتي وكل امرأة في الوجود اعرفها ولا اعرفها

تذكري هذا جيدا يا سيدتي ... في كل يوم بل كل لحظة وكل رمشة عين..

بأنك العيد لكل يوم ... وكل يوم 8 آذار.

*********************************************

نعم ستتحقق الأحلام / إبراهيم إسماعيل

من بين أجمل ماعلمّني أياه الشيوعيون مذ كنت يافعاً، وأنا الريفي الذي غرزت فيه القيم القبلية أنيابها، أن أرى في المساواة بين الرجل والمرأة، السبيل الوحيد لحرية المجتمع ولإستعادة البشر لأدميتهم، التي سلبتها منهم الرأسمالية، حتى صار الثامن من أذار، يوم المرأة العالمي، عيداً بهيجاً في حياتي، كغيره من أيام المجد النضالي لهؤلاء الفتية الذين عشقوا العراق، وبقوا طيلة عقود تسعة يفتدوه بالأرواح.

وفي 8 أذار من هذا العام سأكون سعيداً أن أهدي لنساء بلادي، بطاقة حب مفعمة بالأمل أن يحقق نضال الشيوعيين والمدنيين العراقيين نجاحاً في تطبيق مواد الدستور العراقي، التي تضمن تقليص التمييز ضد المرأة ورفع الحيف عنها، وإسقاط كل القوانين ومشاريع القوانين التي تحاول إعادة تكبيل المرأة وإلغاء ماحققته من مكتسبات أو تجميدها على الإقل.

أن أتقدم لهن ببطاقة حب مفعمة بالأمل أن يحقق هذا النضال ثماراً يانعة في تبوء المرأة لحصتها الدستورية في جميع المؤسسات التنفيذية والقضائية وفي الهيئات المستقلة، وأن تكون مساهمتها فاعلة وحرّة، ومنطلقاً لتحقيق التكافؤ التام مع الرجل، والذي بدون تحقيقه لن يتمتع المجتمع بحريته الحقيقية، ومن أجل إجتثاث العنف ضد النساء، وتجريمه ومنع تكًيف الأضطهاد بأردية مقدسة، وتوفير فرص العمل لهن، وحماية منظماتهن الاجتماعية والخدمية وضمان حريتهن في التعبير والإجتهاد والإبداع الفكري والثقافي، فصوت المرأة ليس عورة، بل نغم الحياة.

في 8 أذار، تتجدد الثقة بأن الغد أبهى وأجمل، مهما بدت الليالي حالكة والخراب شاملاً، مادمنا نعرف من أين نسير، وكل عام ونساء العراق والعالم بخير.

**************************************************

في يومها المجيد لتنهضُ فينا كُلُّ هذِهِ الصور / داود منشد

ماذا نكتبُ في يومُكِ المجيد ايتها المرأة. وهل تفي الكلمات بعضَ حقَكِ، ويرتفعَ الإنصافُ امام جزءٍ مما قدمتيهِ لشعبِنا ووطنِنا؟ هل نتحدثُ عن الأمهاتِ اللواتي إستقبلنَ جثامينَ أبنائهن الشهداء  بصبرٍ وثباتْ  ام نتحدثُ عن الأمهاتِ اللواتي لم يعثرنَ أبداً على شواهدِ قبورِ فلذاتِ اكبادهنَ حتى غادرنَ الحياة!

هل نتحدث عن تلكَ الكوكبة المقدامةِ من المقاتلاتِ  الطليعياتِ النصيرات اللواتي حملنَ السلاحَ  وإنخرطنَ  سنواتٍ  طويلةٍ  في كفاحٍ دامٍ وعنيف ضد سلطةٍ جائرةٍ وحكمٍ مُستبد!ْ

هل نكتبُ عن سجيناتِ الرأي ومعتقلاتِ  الزنازينِ المُظلمة، اللواتي تحملنَ  اقسى وابشعَ  انواع التعذيبْ! أم نتحدث عن تلكَ النماذج النادرة من اللواتي زغردنَ وهنَ يعتلينَ اعوادَ المشانق ساخراتٍ بالموتِ وهنَ يهبنَ ارواحهنَ من اجلِ المباديء والقيم التي امنَ بها!

إنَ الألمَ ليعتَصِرُ قلوبنا وقد تابعنا قبل سنواتٍ قليلةٍ ولا نزالُ نُتابٍعُ  حتى الان، مجازرَ عصاباتِ داعش ضدَ بناتِ شعبِنا الأيزيديات وآخرها جريمة ذبحِ خمسينَ ضحيةٍ بريئةٍ بدمٍ باردٍ وسطَ صمتٍ رسمي وإعلامي غَيْرَ مسبوقْ.

في يومكِ المجيدِ هذا  في الثامنٍ من آذار تنهضُ كُلُّ هذِهِ الصور المجيدةِ والمؤلمةِ عنكَ، بل إنَ ما نذكره لا يفي إلا جزءاً يسيراً مما قدمتيهِ وعانيتيهِ خلالَ مسيرتُكِ الطويلة في طريقِ الكفاح والنضال من اجل حقوقكِ العادلة في الحرية.

****************************************************

 

 

 الوردةُ لا تحيا مع العَفَنِ../ بلقيس حميد حسن

حينما فكرت بكتابة موضوع عن يوم المرأة العالمي،  حضرت في ذهني صورة النساء العراقيات كما نراهن، و يراهن كل العالم اليوم:

فهن أما ثكالى أصبحن رمزا لحزن العراق في فواجع كثيرة ، لاطمات على الخدود، صارخات بوجع الفقد، مبعثرات الروح بين أشلاء انفجار،  أو وراء جنازة عزيز ، أو بشارع بائس، يحملن أرواحهن كرهاً من قهر مالاقين في هذا الزمن الأغبر.

أو صغيرات متسولات تمتد أيديهن البريئة العابقة بلبن الطفولة بعد، لتمسح زجاج نوافذ السيارات، منتظرات صاحب السيارة بذلٍ، ليدفع شيئا لخبز يومهن في عراق النفط الوفير.

أو أرامل واقفات في طوابير انكسارٍ تأباه أعمارهن التي تئن بالأوجاع، ينتظرن تقاعداً أو مساعدة تجود بها ميزانية الدولة التي يذهب أغلبها للحراسات التي تحمي مسؤولين "كبار" وملذاتهم ، وأغلبهم  قد تلوثت أيديهم وساهمت بإفساد هذا البلد العريق، ليغدو أحطّ بلد مسكون على الأرض مع الأسف..

أو هن نساء كادحات، وموظفات،  يخرجن صباحا للعمل، يسابقن الوقت للوصول الى المكاتب، والدوائر الرسمية ، أو المستشفيات والجامعات ، أو الى الأسواق حيث العمل لا يرحم وحيث الحياة تتنفس من العمل وسنوات العمر.

ونساء أخريات نراهن بالتلفزيونات،  يتمنطقن بمقولات جافة، جامدة،  لا تمت للواقع والحياة بشئ، ينشرن هزالة اللغة، وركاكة المنطق المطروح بحجج واهية غير مقنعة. مرة باسم إعلاميات أو أديبات ، وأخرى باسم فنانات، أو برلمانيات،  أو حتى نساء أعمال،  أو مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، طالما هناك ممارسة ارتقت الى مستوى القداسة حتى صارت قانونا في بلد اللاقانون وهي الواسطة، فكل شئ جائز،   إذ يمكن صناعة أديب ، أو فنان ، أو إعلامي،  عن طريق هذه الواسطة التي باتت عنوان الثقافة العراقية في زمن الفوضى "الخلاقة" التي نادت بها الولايات المتحدة لتخرب ما لم يخرب زمن الطاغية الدموي صدام من بقايا قيمٍ ووطن. نرى تلك النسوة بالتلفزيونات، يخشخش الذهب بأيديهن ورقابهن ، وتتعرى بوجوههن عمليات النفخ ، والتجميل غير المجدي.

أخريات لا نراهن أبدا لأنهن في الخدور محصنات  بالمال والذهب، وطقوس الزيف الديني،  والسفرات السياحية الى بلدان الخارج ، يتلفعن بالسواد حفاظا على اسم المسؤول الذي يحصنهن ويحميهن محافظة على شرفه الرفيع الذي لا يهتز عندما تمتد يداه لتسرق قوت الفقراء والمعدمين وميزانيات البلد المهدم.

 

اليوم، وأنا أتذكر حادثة المناسبة العظيمة في ٨ آذار ، حيث سجل التأريخ للعاملات الأمريكيات المظلومات، بطولة تمردهن على الضيم و اللامساواة في الأجر ، سألت نفسي بعد أن وضعت أمامي الصورة العامة للمرأة العراقية التي ذكرتها الآن:.

الى أي مجموعات من النسوة  ينتمي هذا اليوم العظيم في تاريخ البشر، والذي فتح آفاقا واسعة لنساء العالم في كل مكان، ليمزقن سواد الظلم، ويخرجن بعروق ثائرة تصرخ بانسانيتهن المهدورة التي أردن استردادها ؟ 

هل كل تلك المجموعات التي ذكرتها لهن حق الاحتفال والورود الحمراء في هذا اليوم العظيم؟

هل الاعلام الموجه والأخرس رغم زعيقه،  قادر على تمييز وتوضيح الحقائق المخبأة في أدراج المسؤولين والساسة الكبار ، الجالسين على عروشهم بين البنادق الموجهة لكل من تسول له نفسه الاقتراب منهم ، والسائرين بمواكب من السيارات، الفارهة، والمخفية وغير المخفية عن أعين المظلومين.

لا أريد أن أوغل بالوجع أكثر وأذكر خبايا المكاتب، فما عاد الأمر سراً، فمن يسرق مالا ً يسرق كل شئ وكل هذا يصب بإركاع الشعب،  وبالتالي إذلالِ وتحطيم أساس الأسرة ، ولبنتها الأولى، ألا وهي المرأة..

 

ليس لي في هذا اليوم وأنا على بعد قارّي من الوطن، إلا أن أرفع صوتي بالأمل والتهاني بهذا العيد العالمي، الذي يذكرنا بأن الظلم لن يستمر مهما كان قوياً، وإن إرادة المظلوم أقوى من كل شرور العالم..

كل عام والمناضلات من أجل الحرية والمساواة والعدالة ، الصارخات بالحق،  بكلمةٍ، أو تظاهرةٍ، أو تمردٍ، والرافضات للصعود على حساب الآخرين، بخير ٍ  ودوام الشموخ.

كل عام والفقيرات،  المتعففات، الأرامل،  الثكالى، والمقهورات، بأملٍ وثقةٍ بالحق..

كل عام ، والعاملات، والموظفات اللواتي يقمن بواجبهن بشرف رغم كل المفاسد المحيطة بهن ، بخير.

كل عام والنساء العراقيات الوطنيات، والناشطات من أجل العراق، من غير المنتفعات أو الراكبات موجة الزمن الأمريكي.. بكل خير..

لتبقى مطالبنا دائما:

الاستقلال والسلام للوطن..

الحياة الكريمة والأمان للشعب

الحرية والمساواة للمرأة العراقية أبداً

**************************************

يدكن مبارك بنات وطني / ماجدة الجبوري-كندا

الى تلك المنسيّة في طرقات الحياة اليومية، الى تلك المتمردّة على واقع قاس يرفضها فتقاومه رفضاً، الى اللواتي نٌحرن على مذبح الحرية، الى كل النساء، امهات وزوجات واخوات وحبيبات، نقول: بكنّ تزهو وتزدهر الحياة، لا يهم الزمان او المكان، بل المهم وجودكنّ، أنتنّ من يحرّك الحياة، بتواصلها وديمومتها، في اقصى مكان في الكون، قرية أو مدينة، قصر أو خراب، اينما تتواجدن تزهر السعادة.

الى التي تقاوم عصر الردّة والانكسارات والخذلان وتحيا قسراً في اقبية الظلمات، نقول: أرفعي صوتك عالياً، قولي كلمتك، دافعي عن حقك، تطلّعي الى الامام، نحو حياةٍ أفضل، الى الحرية التي ستأتي حتماً في غبش ايامك الاتية.

للمحتفلات والمحتفلين بعيد المرأة العالمي، نقدم بطاقات عيد ومحبة، وكلمات مشبعة بعبق الورد، اسهم في كتابتها مدافعون عن حرية وحقوق المرأة من مختلف بلدان العالم اتركها لكنّ ولكم، وكل عام وأنتن بخير

***********************************************

لتولد ألف زهرة وزهرة في العيد / طلعت ميشو ـ الولايات المتحدة

يحتفل العالم المتحضر منذُ عام 1945 بعيد المرأة العالمي، وذلك لإحياء ذكرى إنعقاد أول مؤتمر للإتحاد النسائي العالمي في باريس. ولا يوجد لحد الآن عيد بإسم ( عيد الرجل العالمي ) وذلك لإن الرجل هو المهيمن وبالقوة على المجتمع، وهذه الهيمنة جعلت من المرأة تابعاً له أو كائناً اقل منزلةٍ وأهميةً، وهذا مغلوط من اساسه التاريخي، والذي اوجدته ودعمته وفرضته غالبية الأديان! هو حقاً شيءٌ يدعو للأسف أنه لم يتم إعلاء شأن المرأة إلا في سنة 1945، ومع هذا لا زالت المرأة وفي غالبية المجتمعات الأرضية مهمشة ومُخبأة ومقموعة ومستَغَلة ومظلومة ولا صوت لها وكأنها دمية أو بقرة حلوب أو كأنها ليست على قيد الحياة.

من يتتبع العلوم يعرف يقيناً بأنه ليس هناك ولحد اللحظة أي دليل ( علمي ) في البايولوجيا يُثبت الفكرة المغلوطة عن كون المرأة متخلفة عن الرجل في الجسد والنفس والعقل كما يزعم البعض! لكن الحقيقة التي يحاول تجاهلها معظم الرجال - وبغض النظر عن المستوى العلمي- هي أن وضع المرأة ( الأدنى ) إنما حدث عن طريق هيمنة الذكر عليها تاريخياً ومن خلال تصنيفها إجتماعياً في طبقات ومراتب أقل من منزلته هو، و لأسباب أنانية، إقتصادية وإجتماعية بحتة، وبسبب مخاوفه الأزلية من إمكانية أن تتفوق عليه المرأة كونها تملك الرحم والثدي والديمومة والعطاء والحنان والحب الأصيل.

من يقرأ التأريخ من مناهله الأصيلة وليس من خلال الكتب التي اوجدها المنتصرون، سيعرف يقيناً أن المرأة كانت هي الأصل من قبل ظهور الأديان ونشوء المجتمع البتريركي الأبوي أو الذكوري، والتي إدعت أن الذكر هو أكثر ذكاءً وأهمية من المرأة وأبتدعت فذلكة إستخدام المقدس لتحجيم دور المرأة في غالبية المجتمعات الأرضية التي لا بوصلة علمية تهديها. تقول د. نوال السعداوي في واحدة من كتبها:  (لقد أدرك المُجتمع الإنساني البدائي المُكون من الأناث والذكور أن الأنثى هي بالطبيعة أصل الحياة، بسبب قدرتها على ولادة الحياة الجديدة، فإعتبروها أكثر قدرةً من الذكر، وبالتالي أعلى قيمةً منه، ومن هنا سادت الفكرة في تلك العهود عن آلهة الإخصاب والولادة والخضرة والوفرة والخير وكل شيء مفيد. وإستمرت هذه العهود آلاف السنوات، ولا أحد لحد الآن يعرف كم الفاً من السنوات إستمرت، لإن علم التأريخ لم يكن قد ظهر بعد. ولكن معظم علماء التأريخ والأنثروبولوجيا في العالم يُجمعون على انه في المجتمعات الإنسانية البدائية كانت للأنثى قيمة إنسانية وإجتماعية وفلسفية أكثر من الذكر، وأن الإله القديم كان انثى، وأنه قبل نشوء الأسرة ألأبوية كان المجتمع البدائي أمومياً وكانت الأم هي الأصل وهي العصب وهي التي يٌنسَبُ لها اطفالها).

في العيد أقول: كل عام وأنتِ أجمل وأرقى وأعظم عزيزتي المرأة، لأنك الأصل والجمال والمحبة والسلام والحضن الدافيء، ولأنك كطائر الفينيق الذي ينهض دائماً من بين النار والرماد والموت مصفقاً بجناحيه ومحلقاً في اجواء الحياة الجميلة وليولد في الحياة مرة أخرى وأخرى وأخرى وإلى ما لا نهاية.  تحية لهذا الكائن الجميل الصبور الذي كلما احرقو زهوره تناثرت بذاره لتولد الف زهرةٍ وزهرة. كل عام وأمنا الأرض الطيبة بخير لأنها الأم والرحم والثدي والديمومة الأبدية . كل عام وأنتِ بخير يا أمنا وأختنا وزوجتنا وإبنتنا وأختنا وزميلتنا وحبيبتنا وتاج رأسنا وعنوان وشكل إنسانيتنا.

************************************************ 

لكنّ وردات من الجوري وعبق القداح / إيمان زهير ناهي ـ بابل

هي الذكرى الحلوة التي تمر علينا كل سنة، والتي طالما إحتفلنا بها مع تفتح الجوري وعبق القداح، لتذكرنا بأيام زمان، أيام تسلط الطاغية والعمل السري والإختفاء عن أعين جلاوزة صدام، أيام كنا نجتمع حول كيكة صغيرة، تعلوها شمعة العيد، ونحن نستمع بشغف وإجلال للوالد وهو يخبرنا عن بطولات الرفاق والرفيقات وصمودهن في السجون وزنازين التعذيب، أيام كنا نحلم أن نصبح مثلهم ونجترح ذات البطولات.

 كنا رغم الخوف والسرية، نغني اغاني الحزب ونصفّق بهدوء حتى لا يسمعنا الجيران (مكبعة ورحت امشي يمه بالدرابين الفقيرة) وكانت الضحكات حلوة تختلط بالدمع وتنبع من القلب. كنت صغيرة وانا ارى أمي وعمتي فرحات بعيدهن رغم كل الآلام والمأسي التي مرت بهن! وأتذكر والدي الذي تعود على تقديم هدية بسيطة لهن كل عام، زهرة حمراء، كي يشعرن بوجودهن وقيمتهن بالحياة. كنت استمد قوتي من ابتسامتهن وحبهن للحزب ولقضيتهن ...أتذكر دموعهن وهن يتذكّرن الرفيقات اللواتي فقدن حياتهن  في السجون.

وكبرت وإنتميت للحزب وشعرت بنفسي قوية، وعرفت ان الحزب هو بيتي، وحبي لأمي هو قوتي، وذكرى رفيقاتي جعلتني اتمسك بحقوقي وأحارب من اجلها حتى اثبت وجودي. واليوم أهدي وردات الجوري مشبعة بعبق القداح لكل نساء بلادي، ونساء العالم، وأتمنى لهن القوّة، والسعادة بعيدهن، وبالحياة عموما.

**********************************************

بطاقة في العيد / ماجدولين جرجيس شمعون- كندا

يعد تأريخ الثامن من آذار، والذي إعتمدته الأمم المتحدة منذ عام 1945 يوماً لنساء العالم، عطلة وطنية في العديد من البلدان، تكريما لإنجازات المرأة وتعزيزا لحقوقها. وقد ظهر يوم المرأة في مطلع القرن العشرين في امريكا الشمالية وأوروبا، وذلك من قبل أنشطة الحركات العمالية، ومنذ ذلك الوقت اصبح يوم المرأة عيدا عالميا للنساء في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء.

لقد إعتمد أول يوم للمرأة الوطنية في عام 1909م من قبل الحزب الاشتراكي الأمريكي، وذلك في حملته من اجل منح النساء حق الاقتراع، وتم تسليط الضوء عليه في الاجتماعات الجماهيرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتم الاحتفال به حتى عام 1913م، كما وافق المؤتمر الدولي الاشتراكي في عام 1910م على مقترح الناشطة الألمانية كلارا زيتكن بإعتباره عطلة رسمية في الولايات المتحدة.

وفي ١٩ آذار 1911م تم إعتماد أول يوم عالمي للمرأة في النمسا والدنمارك وألمانيا، وحضر ما يزيد عن مليون شخص مسيرات حاشدة بهذا اليوم في العديد من البلدان الأخرى وفي تواريخ مختلفة بما فيها روسيا. وفي عام 1921م تم تغيير تاريخ يوم المرأة رسميا للثامن من آذار.

يعد يوم المرأة العالمي مناسبة للنضال من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم بالإضافة الى تمكين المرأة والاعتراف بأعمال وانجازات النساء. ولهذا تعمل المنظمات العالمية على تعزيز الكفاح لتحقيق ماجاء في ميثاق الأمم المتحدة عام 1945م بشأن المساواة بين المرأة والرجل. علما بأن الأمم المتحدة ساهمت بالكثير من البرامج من أجل النهوض بوضع المرأة في جميع أنحاء العالم.

ليكن يوم الثامن من آذار يوما مميزا على مدار العام 2019 ، كل التهاني الحارة لكل امرأة في جميع أنحاء العالم وللمرأة العراقية بشكلٍ خاص.              

*********************************************** 

يوم للنضال والتقييم / شذى الخطيب/ بريطانيا

 هو يوم لمراجعة الإنجازات السنوية التي حدثت في حياة المرأة خلال السنة والاحتفال بها والتذكير بأن هناك الكثير مما  يجب أن ينجز. وإذا ما عدنا الى الماضي، نجد النساء العاملات في نيويورك هن من أول النساء اللواتي تظاهرن من أجل حقوقهن في زيادة الأجور، وتحسين وتقليص ساعات العمل، وحق الاتتخاب وكان هذا عام ١٩٠٨. أما النساء الروسيات في عام ١٩١٧ فثبتن الثامن من آذار كعيد للمرأة العالمي، في اجمل شهر من السنة.

كنت من المحظوظات حقا في ان أعيش هذا العيد في بلدان مختلفة، ولعل من أجمل الاحتفالات، الإحتفال في موسكو في فترة الثمانينات حيث كانت الحكومة السوفيتية آنذاك مهتمة بإعطاء المرأة يوما كعطلة رسمية وذلك لأسباب عدة، اذكر منها ما يلي:

  • توعية جميع النساء بتاريخ يوم المرأة العالمي، وبالأخص الأجيال الجديدة، واستذكار النساء اللواتي إنجزن شيئا مهما في المجال العلمي والاقتصادي والسياسي والثقافي والرياضي والإجتماعي. ولم يقتصر هذا الاستذكار على المرأة السوفيتية فقط، وإنما شمل نساءً من كل أنحاء العالم، اللواتي اشعلن جذوة العمل لتطوير مكانة المرأة إلى يومنا هذا.
  • التذكير بأهمية المرأة السوفيتية في بناء الاتحاد السوفيتي وتثبيت السلام.
  • استذكار النساء اللواتي ضحين بحياتهن من أجل التحرر من الفاشية.
  • إعطاء المرأة يوما خاصا لها لإشعار المجتمع بخصوصيتها، كونها النصف الثاني منه.

أهم ما تراه في هذا اليوم مجاميع النساء في الشوارع، حاملات ورود القرنفل الحمراء، ضاحكات، يرتدين أجمل ما يملكن. ورغم بساطة ملابسهن، كانت الأناقة والألوان شيئا تتميز به المرأة الروسية. كانت المطاعم تعج بمجاميع النساء يأتين للاحتفال بيومهن مع أو بدون الرجال. كان هذا العيد أقرب إلى نفسي من غيره بسبب مجيء الربيع، ذوبان الثلج وفرح النساء في كل مناطق موسكو آنذاك.

خلال فترة حياتي اللاحقة في بريطانيا، لم أجد اي اهتمام بهذا العيد، وبالرغم من جميع الصديقات التقدميات البريطانيات اللواتي مررت بهن في حياتي لم أجد من يعرف يوم المرأة العالمي إلا القليل. المشكلة في الحكومة البريطانية، فبالرغم من المحاولات التي يقوم بها الحزب الشيوعي البريطاني للاحتفال وكتابة بعض المقالات في الجرائد البريطانية لتسليط الضوء على أهمية هذا اليوم، الا انه يمر كالعام الذي سبقه. المشكلة هنا في النظام  الرأسمالي، لقد وجدوا عيدا بديلا عن عيد المرأة العالمي في بريطانيا وهو عيد الأم، الذي تتحضر له الشركات الخاصة في 21 آذار وذلك لجمع الأرباح من المبيعات مثل الورود والبطاقات الخ. لذا تم تبديل الإحتفال السياسي المهم للمرأة في عصرنا هذا بيوم للأم فقط، وعليه تبقى توعية الجيل الجديد بيوم المرأة قضية ذاتية في أكثر البلدان التي لا تعطي حكوماتها عطلة رسمية أو تجري الإعلان عن هذا اليوم في وسائل اعلامها، بالرغم من أن هيئة الأمم المتحدة جعلت هذا اليوم، يوما عالميا في عام 1975. فإذا كانت الأم مدركة للأهمية السياسية لهذا اليوم، تحاول توعية أولادها بأهميته، ولكن إن لم يصبح هذا العيد رسميا لن يع المجتمع المعنى السياسي لهذا الحدث وأهميته للمرأة والرجل على حد سواء.

كنت من المحظوظات لحضور عيد المرأة قبل سنوات في بلغاريا بدون التخطيط له مسبقا، وما جلب انتباهي في ذلك اليوم وذكرني بعيد المرأة  كانت الشوارع والمقاهي تعج بمنظر النساء السعيدات، ليس فقط حملن الزهور الحمراء، او لبسهن ما وجدن من احمر بين ممتلكاتهن، فرحت وسعدت بالحديث معهن بهذا اليوم بعد استدراكي أنه الثامن من آذار، أسعدني أكثر ادراكهن لقضية المرأة في العراق بعد الحرب. فرحت أن هذا اليوم ما زال يوما عالميا رغم كل التعتيم لأكثر بلدان العالم، اذ تحتفل رسميا بهذا اليوم وتعتبره عطلة 100دولة أكثرها الدول الاشتراكية السابقة وبعض دول أفريقيا على سبيل المثال إريتريا.

أما بالنسبة للعراق بلد المليون أرملة او أكثر بسبب الحروب فيحتاج جهدا جبارا لتغيير الكثير! فعيد المرأة العالمي سيكون له طعم خاص عندما تحقق المرأة العراقية القوانين التي تحميها من شتى أنواع الظلم سواء داخل العائلة أو في العمل أو المجتمع. علينا أن نضغط على الحكومة واعضاء البرلمان الذين لم يحققوا اي إنجاز للمرأة خلال 16 سنة مضت بعد سقوط صدام ولحد يومنا هذا، لتحقيق مستقبل أفضل للأطفال ولتصبح النساء متساويات في العمل والتعليم وكذلك مناصب الدولة و ليكون عمل المرأة متكافئا مع الرجل وليس عبئا. وبالتأكيد علينا أن ندعم جهود النساء من أجل أن يكون عيد المرأة عطلة رسمية وذلك لتذكير وتوعية المجتمع بأن المرأة نصفه ولها حقوقها أسوة  بالرجل.

للمرأة العراقية الباسلة على مر التاريخ كل الحب في يومها. وأقول لها فكري عالميا وحققيه محليا.

*********************************************

صور من الذاكرة / سناء صالح جاسم ـ هولندا

الصورة الاولى: اذار ١٩٥٩

لم تزل أول احتفالية أشهدها وانا في سن الثالثة عشرة من عمري في كربلاء طرية ماثلة أمامي، حيث تجمعت النساء في مقر الرابطة والقيت الكلمات. كان شيئا جديدا على مدينتا التي الفت فقط مجالس العزاء الحسينية او الفواتح .لقد كان للكلمات وقعا اخر في نفوسنا في ذلك اليوم الربيعي . لقد طرقت أسماعنا اسماء غريبة لنساء يسكن في مدن بعيدة، كرسن حياتهن للدفاع والمطالبة بحقوقهن في الحياة الحرة الكريمة، و لأول مرة اسمع بكلارا زتكين وروزا لوكسمبوغ . كانت مدرّساتي صبيحة الخطيب ووداد الصافي من يحشدن لمثل هذه الفعاليات الهادفة، وهن من وضعن اللبنة الاولى التي شكلت لدي الوعي بأهمية ان تتحد النساء لتتحدى القيم البالية التي تعيق انطلاقها.

الصورة الثانية: اذار السبعينات

في مثل هذا اليوم الاذاري المميز بشمسه الدافئة كنا قد تهيئتا (اللجنة التنفيذية لرابطة المرأة العراقية) لاحتفالية ضخمة شملت البصرة بضواحيها وما يتبعها من اقضية ونواحي. كان مكان الاحتفال بستانا في ابي الخصيب، بستان يزهو بنخيله الباسقة. كان كل  شيء معدا بتنظيم  سوق خيري للأعمال اليدوية المميزة للنساء من اطباق  وسلال من سعف النخيل والقصب، حياكة وتطريز، وشعر شعبي، وكلمات وأغاني لفرقة من الشابات. كان جمعنا خليطا رائعا من عاملات وفلاحات وطبيبات ومعلمات، مسلمات ومسيحيات ومندائيات. الجميع يصدح بأغان المرأة، ابرزها أغنية جعفر حسن (للمرأة غنوتنا). اهم ما في ملامح هذه الصورة كانت وجوه  شابة مشرقة صبوحة، يحدوها الامل في غد افضل للمرأة، وجوه أما غيبت فيما بعد، بالاغتيال أوداخل اقبية السجون او الموت الماً وكمدا  على فقدان الزوج والحبيب.   بقيت هذه الصور، شاخصة مكتملة في ذهني وخاطري بالابتسامة المليئة بالثقة وبالغد الافضل للمرأة العراقية. باقة ورد اقدمها للخالدات فريال الاسدي فائزة عبد علي  وليلى لعيبي، ممن كن فارسات تلك الاحتفالية.

الصورة الثالثة:  المنافي

لم ننس ونحن نحمل ما تيسر من امتعتنا القليلة الى المنفى الذي اضطررنا اليه، ان نحمل في عقولنا وقلوبنا الإرث الذي نفينا من أجله، ان نحمل مبادئنا معنا في حلنا وترحالنا. و ان ما نعتز به  ونلح عليه ان نلم شملنا كنساء متحدات لأننا ندرك ان في التفافنا حول مبادئ المساواة والحياة الكريمة للمرأة هو زادنا الذي نقتات منه ويرفدنا بالقوة لذلك. وفي كل البلدان التي مررنا بها كنا نتجمع ويلتئم شملنا ونتعاهد على المضي قدما ونوجد تنظيمات، لم يكن مهما لنا ان تكون اعدادنا كبيرة او افرادا معدودين، ولم نأبه فيما إذا كنا نقيم احتفالات صاخبة في قاعات ضخمة او سريّة في غرف متواضعة في بيت احدانا او في احضان الطبيعة المهم ان تكون المرأة العراقية وهمومها  والوطن حاضرين نصب أعيننا.

طوبى لكل من آمنت بأن للمرأة صوت وكيان قادر على مواجهة الصعاب وتحدي الواقع المتخلف وإثبات وجودها.